السبت، 10 ديسمبر 2011

مصطلح أشباه الثوار
د. العارف عكعك
مصطلح أشباه الثوار أصبح على كل لسان و كثر تناوله على شبكات التواصل الاجتماعي و غيرها من وسائل الإعلام و السؤال من هم هؤلاء و لماذا يتصرفون بما يضر بأمان البلاد و لماذا شوهوا سمعتهم و سمعة زملائهم الثوار الأشاوس و لماذا و لماذا......

مصطلح أشباه الثوار في حقيقة الأمر يجب ألا يعمم و يطلق جزافا هكذا بل إن شئنا أن نطلقه فيجب ألا نتجاوز به المنحرفين من الشباب المتنكرين بزي الثوار ونحن نعلم إمكانية وجود هؤلاء بين أي سرية من سرايا الثوار لأي مدينة أو قرية ليبية والأصح أنها ظاهرة الانحراف الأخلاقي و التي لا يخلوا منها أي مجتمع مع اختلاف نسب كمها و نوعها و علاقتها بخصوصية كل مجتمع على حده.
و لدراسة ظروف نشأة من سميتموهم أشباه الثوار و أسبابها حسب تصوري أن حقبة حكم الطاغية طيلة أربع عقود لها مضاعفات اجتماعية و نفسية نرى ارتداداتها في هذا الانحراف الأخلاقي و سوف نرى انحرافات أخرى مثل الانحراف الوظيفي و غيره لقد خلفت تلك الحقبة السوداء الفقر المعرفي وأضعفت الوازع الديني و الشعور الوطني عند الكثير من الشباب و أخلت بالتوزيع المادي العادل بين فئات الناس و اتسعت رقعة البطالة و توغل الفقر فجاء وحش الفراغ القاتل ليفتك بعقول هؤلاء الشباب و حرمت هذه الحقبة كل المناطق الليبية من سبل الحياة الكريمة و وسائل الجدب لاستقرار أبنائها في حوماتها
و في ظل هذه الظروف تفجرت الثورة الحمراء و انبهر الجميع بصورة الثائر الليبي البطل فتدافع الجميع ليكون ذلك الثائر الذي شد انتباه الدنيا بأسرها و انجرف من بطن الوادي الطيب و الخبيث ليختلط بذلك السيل الجارف من الثوار وألتحق كذلك بذيل الثورة من لا يملك من مواصفات الثائر إلا البزة و السلاح و ليتقمصوا هؤلاء لاشعوريا تلك الصورة الجميلة للثائر المرسومة في أدهان الناس وينسبون لأنفسهم ما رأوا من صفات محمودة في الثوار الحقيقيين و كذلك كانت الثورة فرصة سانحة لبعضهم لتحقيق أهدافا كانت بالأمس مفقودة حتى في أحلام ظهيرتهم ( التعويض النفسي اللاشعوري ) ليعوضوا الفشل الذي كان قد أصابهم بما فرضه عليهم أو لم يفرضه عليهم نظام التجهيل ولا ننسى أيضا دور مرض حب الظهور و الاستعراض و لما له من تأثير على النفوس حيث إظهار السلاح في هذه الحالة يمنح صاحبه متعة القوة و شد الانتباه و الشهرة و النفوذ
وعلى ما تقدم من إيجاز في كيفية تشكل أشباه الثوار يستوجب على الحكومة دراسة هذه الظاهرة في إطارها العام كمشكلة متوطنة في هذا المجتمع ترتبط بظاهرة الانحراف الأخلاقي المتغلغلة في المجتمع و التي تجدب بعض الشباب العاطل عن العمل و من هنا يمكن القول أن هناك عاطلين عن العمل و من بينهم توجد فئة منحرفة و التعامل مع هذه الفئة سوف يكون بكل تأكيد مختلف عن غيرهم من الأسوياء من العاطلين على العمل و كذلك تطبيق القانون عليهم ربما سوف يضعهم في خانة المجرمين فلن يستفيدوا هم و لن يستفيد المجتمع من ذلك العقاب فعلى الدولة الحديثة في ليبيا الجديدة أن تستعين بما في ديننا الإسلامي الحنيف من حلول في محاربة هذه الظاهرة و أن تعترف بوجود علم الاجتماع النفسي و أصول التربية و علم النفس و يمكن الاعتماد عليها كعلوم إنسانية مهمة في دراسة الانحرافات والأمراض الاجتماعية والسلوك في المجتمع و أن تستثمر بكل سخاء في إعادة التأهيل الاجتماعي و النفسي والمهني لهؤلاء الشباب و عليها استجلاب المختصين في هذه المجالات من أشقائنا العرب و نحن نعلم أن الليبيين لم يعيروا لهذه العلوم أي أهمية حيث كان الطب و الهندسة والقانون وغيرها من العلوم الأخرى هي مقصد كافة أبناء الليبيين و خاصة المتفوقين منهم.
و علينا تقليل ظهورها في المستقبل بالتركيز على الجانب التربوي و الأخلاقي في المجتمع و الأسرة و جميع مراحل التعليم و دعم و بناء المراكز الثقافية و الرياضية في كل قرية و مدينة لدعم الثقافة و قتل الفراغ و لتفتح الدولة أبوابها و تشجع على قدوم الجامعات و المعاهد العالمية الموثوق بها لنبدأ ثورة تعليمية مبنية على ثقافة التربية
و يجب ألا نغفل دور وسائل الإعلام الرسمية و خصوصا المرئي منه ، بل نستجديهم أن يشحذوا هممهم و يجمعوا و ينظموا ما بقى من عناصرهم بعدما شتتتهم مرئيات ليبية خاصة تبث من ما وراء الحدود و أن يستعينوا ببرامج التوجيه التربوي لشخصيات عربية إسلامية لما لها من حضور عند المجتمع الليبي و بالبرامج العربية و العالمية التي تبعث التفاؤل و تحث على التعليم و التربية و الإبداع و التعلم من الأمم الأخرى
المنارة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق