الخميس، 8 ديسمبر 2011

أين صوت العقل..؟
د. وداد عاشوراكس
إذا كنت لاترى إلا ما يظهرهُ النور ، ولا تسمع إلا ما تعلنهُ الأصوات, بالحقيقة لاترى ولا تسمع.(*)

من منا من لا يطمح الي لم شمل البلاد ووحده الصف والكلمه؟ من منا لايأمل بان يرقي بليبيا الوطن الي ارقي المراتب والازدهار بها الي اعلي الاماكن, وجعلها متمتعة بلديمقراطيه والمدنيه ذات الاساليب المتحضره التي ُتبني بأسس الدستور وبقوانين ثابته ُمقننه, وُمحكمه؟
في كل العالم و منذ خلق الله الكون بأسره بما فيه من انسان, وحيوان, ونبات, هنالك الصالح والطالح منه وفيه. فلانسان منه الخير و منه من يسعي الي "تلويت" الحقائق, وتجريدها من كل ما هوطيب. فهذه الفئة من الناس تسعي الي إطاحة كل ما هو سامي وجليل , لانهم ذوي نفوس مريضه لا تحب الخير والآمان, بل جلب القلقله والارتباك والشر بين افراد الشعب لاجل تحقيق مآربهم الشخصيه, ويعيشون لهدف و مسعي واحد الا وهو التشويش الماكر لتحقيق سعاده فرديه مهما كانت وهميه.
. هؤلا الفئة من الناس عادة ينقصها مبادئ تكوين الشخصيه السليمه منذ الصغر. فمهما تدارك بهم العمر, ومهما لديهم من تعليم او خبرة ما , تجد التربيه والبيئه يلعبان دورا هاما في بلورة الذات . ويبقي هما العاملان اللذان يشكلان لهم الشخصيه الاساسيه الي حد كبير. فمعني الانتماء مثلا للوطن,و حبهم له, اوالعطاء بكل انواعه, والاخلاص للوطن لمساعدته للنمو والانتعاش من غيرمقابل ليس من اولاوياتهم الحقيقيه .
فالنفس السيئة الشريره تعتبر مريضه من غيرعله او داء بدني. بل اشد من ذلك انها تعاني بمرض نفساني معقد متغلغ و من الصعب الشفاء منه من غير تنوير فكري, وتغيير جذري في كيفية العيش مع المجتمع. فلابد من الاهتمام بهم ومساعدتهم علي اكتساب سلوكيات اجتماعيه متحضره غير انانيه اوعدوانيه, لان من غير ذلك سيصبح لديهم "سرطان " الفكرالمتأكل.
ها نحن نعيش كما اراد الله لنا ان نعيش بكرامتنا, وننعم بنسيم حريه الفكر والتفكير بعون القادر القدير رب الكون العظيم. ولكن لابد الا ننسي أهداف ومبادئ هذه الثوره الحميده ابدا. إن حريتنا هذه جأت بعد سفك الكثير من الدماء الغاليه ,ومن قتل العديد من الابرياء بدون وجهة حق,ومن اعتقالات جنونيه لاحرارليبيا بدون رحمه ,او عداله صائبه لكرامة النفس, او انسانيه الانسان . واختطافات لا حصر لها لكل من يتنفس بكلمه حق, اوالاشهار بوطنيته فيقتل من غير احترام لحقوقه الانسانيه. ومن قتل سافر, وسرقة واهدار حيوانات البلد, واملاك الناس , وخيرات البلاد بدون اسثتناء. ومن دمار للجماد من مباني وموانئ وابارمياه ونفط , بشكل جنوني و شيطاني ساخط. فعلينا ان نتذكر كل هذه المآسي وكل هذا الخراب عندما نثور وخاصه لاتفه الاسباب . لابد الا ننسي ذلك الشذوذ العدواني علينا وعلي ارضنا ليبيا وذلك بلحفاظ علي ثورتنا بمبادئها الوطنيه المباركة.
نجد من خلال الاحصائيات المتداوله حاليا والمتوفره لنا تفيدنا بان ما يقارب من خمسين الف شهيد (50000 ) ,واعتداءات شنعاء علي احرار ليبيا ما يقارب من ثمانين الف ( 8000) انثي بخلاف اعمارهن.ومن عشرة الاف( 10000), وربما اكثر من ذلك من الجرحي المجاهدين. انها ارقام تذهل العقل.
شهدائنا عده, واكثرهم من سمعنا عنهم, اوشاهدنا كفاحهم, او من دفن من غير انسانيه وبعيده عن الاخلاق إلاسلاميه, ومنهم من دفن في قبور جماعيه, ومنهم من لم نسمع عنهم بعد. وكذلك لا ننسي الاعداد الهائله من الجرحي والمصابين من جراء الكفاح ضد الظلم والعدوان. المجاهدين الجرحي الكرماء الذين يعانون الي الان من جروحهم الداميه والنفسيه لقله المال والعنايه الصحيه الكامله لهم. وعلينا الا نتجاهل العدد الضخم من المفقودين من بين ثلاتين الي خمسين الف(50000-30000) مفقود حرب او اكثر. فهذه الارقام تتفاوت ولكنها من الاحصائيات المتوفره لنا الان عبرالاثير. فلسؤال المرهق يأتي الان تلقائيا ويطرح نفسه: كيف بعد كل هذه التضحيات نعطي او نسمح للقله المجال ان يعكروا صفوة نجاح ثورتنا , وخاصة بعد اصتأصال السم ذاته بموت "رأس الافعي". لابد ان نسعي بهمه وبقوه حتي يكون لبلادنا استقلال جوهري بكل معانيه الصادقه. استقلال الفكرالصحي العقلاني. استقلال في ممارسة الديمقراطيه في حياتنا اليوميه بموضوعيه و باحترام الغير.
فمهما اختلفت ارائنا ومنهجنا الفكري ,لابد ان نكون علي يقين قوي باننا لن نختلف في حب ليبيا. فدعنا من التشبت بالهمجيه في حل الامور. علينا ان نبذل الجهد لاستبدال العادات السيئه بلحكمه في التفكير, وذلك بلتأني في اخد القرارات التي تمس البلد او الاشخاص. ونعمل علي التحري المنطقي ,والموضوعي , الخالي من "اجندات " شخصيه متهوره, ونبتعد عن التطاول بلكلام الجارح ,اوبليد او بلسلاح, وعرقله شؤون البلاد لمجرد اختلاف في الرأي ,او الفكر, والمذهب. تذكر ايها الليبي ان هناك رأي ورأي اخر لان هذا من بوادر واسس الديمقراطيه التي كلنا نعشق مبادئها ونسعي اليها. واليكم حكمة من الفيلسوف والاديب جبران خليل جبران :" منبر الإنسانية قلبها الصامت لاعقلها الثرثار".
قبل ان تهيج ايها الليبي, وتعرقل مصالح البلاد, تذكر دائما اهداف ثورتنا التي كل ليبيا من شرقها الي اقصي غربها قامت, فثارت , فضحت, فاتحدت من اجلها. والان علينا ان نعمل ونساهم بكل قوه علي عدم تفريق الصف لتسير السفينه برياح نافعه وبعيدة كل البعد بإذنه تعالي , عن ريح قاصف.
دعنا من الحكم بدون أدله وبراهين ثابته علي اي انسان كان. سواء خائن, اومرتزق, نبيل شهم. اوثوري صادق الغايه والعمل . فالمتهم برئ حتي تثبت إدانته ,وهذه هي الديمقراطيه. إن الاخد بزمام الامور بدون الرجوع الي الاساليب المشروعه , او الي المحاكم كمؤسسه اساسيه , قانونيه, ومنطقيه, فإن هذا لا شك لا يجدي شيئا بل يجلب الشر, والتفرقة, والبغضاء.
دعنا من جلب الفتن وفبركه الخبر بدون معرفه ما حدث او يحدث فعلا فهذا اسلوب عشوائي غير مدروس,ومدمر. فلجري وراء الخبر من غير ادله صارمه سيحرك دائره الفتن. وذلك علينا بلسعي لمعرفه مصدر الحدث من اكثر من مصدر. تعلم بان الحقيقه لها ثلاث وجوه او مصادر دائما: مصدرك, ومصدري, والاهم من ذلك وذاك دعنا لا ننسي او نتناسي المصدر الثالت المهم الا وهو مصدر الحقيقه ذاتها, والواقع بعينه بلآدله والبراهين الثابته. ولذا لابد ان نروض انفسنا علي كيفية كبح الجماح ولا نكونوا كلثور الهائج او الخيل الجامح قبل نشر سموم الشر. فهي كما وصفها العادل الحق" الفتنه اشر من القتل".
ولهذا, فمن غير ان يكون لنا محاكم بما تحتاج اليه من قضاة ,ومحامين ,ووكلاء نيابه, مستندة بقوانين سليمه, و دستوركقاموس ومرجع لحقوق الشعب والبلاد, ستحكم البلاد عندها بحكم الغاب. لآبد ان نكون محل المسؤوليه عندما نحتج, و نتحلي بقيم الاسلام الحنيف كما اراده الله لنا , و كما فسره لنا الرسول الصادق الامين "صلعم" , وكما يفتي به علماء الدين الذين لديهم علم مدروس ودراية متينه بلدين والشريعه, و لا كما يفسره الغير متخصصين منا. وحتي تبقي الامور بمسمياتها القانونيه ونحصل علي حقوقنا الشرعية, لابد من وجود قضاء عادل مستقل.
فإحد اسس الديمقراطيه هو بان ننشئ قضاء خالي من المحسوبيه والجبن والعشوائيه المربكه للعداله الساميه. فعندما نتفق كشعب علي دستور البلاد , فمن واجبنا الوطني أن نحترم القانون والدستور ليسود الحكم العادل للجميع. فلديمقراطيه لا تأتي بلغوغائيه والصراخ, بل تأتي بلمسؤوليه واحترام الغير.
الوقت من ذهب ولا يجب ان نرهقه في متهات "فارغه" . هيا نتفق علي ان نأخد الوطن الي بر السلام بكل مؤسساته المهمه والمستعجله الان. وهي : الدفا ع والامن الوطني, ومؤسسة القضاء , واقتصاد البلاد. فجانب الدفاع لابد له من تكوين جيش وطني ,بكل الاساليب والمعدات المتطوره, وغرس الهمه ,والشهامه, للدفاع عن سياده الوطن داخليا وخارجيا وعلي الحدود. لانه عندما يغيب الامن والسلام تغيب الراحه, والسكينه و تنتشر الفوضي كنار في الهشيم.
والمؤسسه الاخري المهمه, القضاء فكما اسلفتا سابقا , القضاء نريده مؤسسه مستقله بعيده عن الحكم والحكومه لتتسمي بلعداله الساميه, والحياديه, وإقساء الظلم بشفافية تامه عن كل مظلوم. نريد محاكمنا ان تكون مؤسسة قويه لا تشوبها مصالح شخصيه او محسوبية ما . كيف لا والعدل بحروفه تعني لي: "عين ساهره, دؤبه, للجميع."
ولكي يعم الرخاء , علينا ان نهتم بثروة بلادنا ونوجهها فيما هو مفيد للانسان والحيوان والجماد من ناحيه توزيعها بمقياس العدل وصرفها بامانه, ونكون علي درايه بكيفة استهلاكها. اقتصادنا لابد ان ينعش لتوفير الخير للشعب عامة ليعم الهناء, والامان, والسلام. لان وجود المال سيسنح لنا ان يكون لنا مؤسسات كامله لخدمتنا وخدمة البلاد.
ومن اهم المؤسسات الانسانيه الاخري هي مؤسسه الصحه. نريدها متحضره وشامله بطرق علميه ومدروسه. نريد مستشفيات مؤهلة بكل المعدات والادويه والمعامل بمقاييس علميه وعالميه. ومن كوادر كاملة من اطباء كفء في جميع المجالات, وتمريض سليم ومدرب علميا في اسس علم التمريض بانواعه,وموظفين اكفاء لخدمة المرضي من غير مماطلة ممله, بل بانسانيه ومسؤوليه صرفه.
ثم نوجه كل مساعينا الجباره الي تكوين ادارة تعليم بمؤهلاتها المتينه من اعضاء تدريس بشهدات علميه, وبخبره ثمينه في التدريس , لان التدريس فن عظيم وليس تلقين . ونريد كليات ومدارس بمعامل ومكتبات ومدرجات, وفصول دراسيه لاولادنا بقوانين تعليميه صحيه ومربيه. فنحن نعلم بان التعليم ضعيف في بلادنا بطريقه مؤسفة وحزينه. فالتعليم يحتاج الي بناء جديد وليس انعاش فقط. ثم هناك مشاكل الزراعه ,والسياحه,والصناعه التقليديه وغيرها من الامور الاخري والمؤسسات الهامه التي تحتاجها ليبيا الجديده.
عندها نستطيع ان نوجه اهتماماتنا الي مشاكلنا الشخصيه اوغيرها لحلها بلطرق الصحيحه وعن طريق المؤسسات المدنيه بوجهها المتحضر والديمقراطي . مؤسسات التي يقع علي عاتقها خدمة مصالحنا, وتلبية احتيجاتنا اليوميه. وكذلك حل الامور الشائكه الصغيره منها او الكبيره واعطاء كل ذي حق حقه بلطرق السليمه والاداره الحكيمه , ليعم الامن, والامان , والاستقرار لكافة الشعب. لان بلاد من غير مؤسسات لا يكون هناك نظام ولا قانون يصغي لطلباتنا بجديه, و يلبي احتياجاتنا الضروريه من غير تأجيل ,او بلطرق الديمقراطيه السليمه.
حكومتنا مؤقته ولذا واجباتها محدوده بحدود الوقت. علينا تقدير الوقت القصير لها ونتأني قليلا قبل ان نفكر في التذمروالقاء اللوم قبل ان تنتج الحكومه الجديده باي عمل. عملنا الان تاريخي ولذا علينا مساعدتهم حتي نساعد وطننا ليبيا علي النهوض من غير إبطاء. وهذا هو الجهاد ايضا.
دولتنا تريد ان تبقي دوله لها قيمه من بين دول العالم الحر. فكيف يتسني لاي حكومة انتقاليه ان تقود هذه السفينه المرهقه الي بر الامان وهي نفسها علي كاهلها حمل رهيب. كيف نعتصم ونحتج ونحن لم نري منهم اي عمل او منهج كامل بعد . هل الحريه هي الا نكون محل مسؤوليه , ونتذمر بمجرد ان شئ ما لا تستسيغه النفس "الامارة بلسؤ" وعدم تقدير الامور بموضوعيه حكيمه؟ التظاهر حق دستوري. فدعونا احترام مبادئه وشرعيته حتي نجني ثمراته, وننعم بحريه التفكير المسؤول والمتحضر.
دعنا من التضاهرات والاحتجاجات التلقائيه والشخصيه المرمي من غير اسباب . لابد ان نفكر في مصلحة الوطن و ضمان سلامه البلد اولأ لا غير. لان اذا زاد الشئ عن حده انقلب الي ضده. الديمقراطيه هي ان تعرف حدودك, وتحترم حريتك وحريتي الشخصيه,ولا تدمر خيرات البلاد, وتعرقل مصالح البلد لانها ليسة من حقك وحدك , انها من حق الجميع. فلفعل الهمجي هو عمل ديكتاتوري , ولا يمت باي صلة للديمقراطيه لا من قريب او بعيد. لا نريد حريه عمياء هوجاء, بل نريدها بأعين ذكيه امينه لا تنام.
وطنننا ليبيا وطن لكل الليبيين من غير اسثتناء. لم اعرفها انا شخصيا منذ الصغر غير ذلك. ليبيا للذين يمجدونها
,ويضحوا بكل شئ ليحموها ,ويدافعوا عن اراضيها, وخيراتها, حتي لا يتلاعب بها من هم لا يعرفون معني الوطن, وحب الوطن, او إدراك اسس الوطنيه والانتماء. واليكم حكمة من جبران خليل جبران :
"ليس من يصغي للحق بأصغر ممن ينطق بالحق".
والله الموفق.
(*)  جبران خليل جبران

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق