الجمعة، 25 نوفمبر 2011

" تو ... ليت" في قبضة الثوار
د. سعد العسبلي
 “Its too late” الأمر تأخر أكثر مما ينبغي فنحن على مشارف بنغازي، ويقال في المثل لقد سبق السيف العذل، والعذل في اللغة الملامة ويقال عذله فاعتذله، أي لام نفسه وأعتب ـ وإذا ما كنت أعتقد يقينا أن الترجمة التي سبق ذكرها لم ترد بخلد قائلها…(زيف..)
فإن العبارة التي قالها باللغة الإنجليزية تحمل أشياء عديدة وعميقة ومدلولات تقترب من الشر وذلك من خلال المناسبة التي قيلت فيها والأسلوب الذي تحدث به موعداً ومهدداً ومنذراً “بإصبعه” سكان مدينة بنغازي، وهو ما كشفت عنه الأيام التي أعقبت هذا القول وبشكل صريح وواضح وهو ما يفصح عن طغيان وفلسفة مضمونها عدم الاعتداء وضرب عرض الحائط بكل القرارات والأرواح وكأن العالم لم يخلق إلا لقائل هذه العبارة، وبالتالي لن تقف أمام طغيان حقده الأسوار والأستار والتي خطط لتحطيمها وتدنيسها مدنسا كل القيم والأخلاق والأسس التي كانت خلاصة لتجارب أناس عاشوا ورحلوا كما سوف يرحل هو أو يتوه في الصحراء وإن كان يظن أن الزمن يتوقف عندما يرغب الطغاة أن يتوقف
وإذا ما كنت أحد شهود هذا القول فإن الأمر لم يأخذه الكثير من الناس بمحمل الجد وإن كنت من خلال قراءتي للأحداث أعرف أنه قول يعنيه قائله ويقصده طالما يحمل بين جوانبه الشر والدمار، لكن الأمر لن يبلغ غاية قائلة ولو حاول فقد كنت أتابع قولاً يأتي من بعيد من خلف المحيطات( لا تقترب من بنغازي ) موجهاً كلامه إلى الطاغية وفي الوقت ذاته كان أسودمدينة بنغازي وما حولها من المناطق الأخرى يترقبون المجيء وإن كانوا غير مصدقين ذلك، فقائل العبارة من جلدتهم أو يفترض أن يكون كذلك، وإن كانت الأحداث التي وقعت بعد ذلك أفصحت عن العديد من ألأمور الغريبة والتي استعصت عن الفهموالإدراك بل والخيال
وفي الوقت الذي نامت المدينة في هدوء حذر كان( أمراً قد دبر بليل) بزحف الكتائب والمرتزقة تصاحبهم فرحة وأهازيج الجاهلية الأولى، مدجيين بالموبقات والخمور والحبوب، وتدعمهم أوامر جريمة وصكوك أباحت لهم فعل كل الأشياء المحرمة منها ومهما كان شكلها وصورتها وقذارتها
وقد تكون من المرات الأولى والقليلة التي تصدر فيها أوامر لمن يفترض أنهم جنود حماة للوطن بأن يعيثوا في أراضهم ومواطنيهم فساداً وتنكيلاً، وحتى وإن كان الأمر قد يكون متصوراً القيام به ضد شعب غير شعب الفاعل بالرغم من أن ذلك لا يحجب عن هذا الفعل وصف الجرائم المعاقب عليها في القوانين الداخلية والدولية فإنه وصف الجرائم المعاقب عليها في القوانين الداخلية والدولية فإنه لن يكون من المتصور و لا المقبول أن تكون هناك تعليمات بالقيام بكل الأفعال الدنيئة تجاه الأفراد الذين ينتمون إلى الجنود الذين صدرت لهم الأوامر
والغريب بل والأغرب أن يجد زيف والطاغية أناسا ينفذون لهما مخططاتهما القذرة لتنكشف الحقائق فيما بعد ولتبرز مسألة المرتزقة على السطح بل وأن العديد ممن هم من ضمن الكتائب وإن كانوا من الليبيين على الورق إلا أنهم ليسوا كذلك حقيقة ومن كان من الليبيين ترك السلاح أو ظل قابعاً في مكانه إلى أنأرداه أحد المرتزقة برصاصة في رأسه من الخلف ومن حالفه الحظ وحانت له الفرصة لتسليم نفسهوسلاحه إلى الثوار كتبت له الحياة بل ومنهم من انخرط في سرايا الثوار وقد روى قصصاً ورواياتيندى لها الجبين
أرخى الليل سدوله على مدينة بنغازي غير أن الكثير من السكان لم ينم تلك الليلة فقد أتت الأخبار بما لا تشتهي الأنفس حاملة سيلا جراراً يزحف تجاه مدينة بنغازي لا قبل للمدينة ولا للثوار بها وإن كانوا قد عزموا على الشهادة وكانت طلعات نسور الجو الخطوة الأولى نحو النصر فعطلت كتائب الطاغية وليبرز على السطح الثوار من خلال منافذ بنغازي الغربية وليسطروا ملحمة سجلها التاريخ ولتأتي بعدساعات من المعارك الضارية أصوات من السماء وأصوات أخرى تسمع على الأرض لنرى بعد أقل من بضع ساعات مجزرة من فولاذ ولحم ملقي على الطريق الساحلي وجوانب هذا الطريق وليطارد الثوار فلول الكتائب تسمع أصوات بشرية تأتي من بعيد ، الوقت لم يتأخر بعد وإن زمن الانتصار وإن كان الوقت قد تأخر بالنسبة (لزيف) بأن يطلب الاعتذار من الشعب الليبي بما سببه له من الآلام وأفعال شنيعة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق