محمد غرس الله: يعد الدور الفرنسي لافتا - من ضمن عوامل اخرى - في الازمة الليبية مما يتطلب النظر والتحليل، فهو لعب ويلعب دورا كبيرا في تطور الاحداث، فالامر كان واضحا في حصول اغلبية في مجلس الامن للقرار 1970 الذي كانت ورائه فرنسا بدون مواربة في غضون 8 ايام من بدء الاحداث في بنغازي
وهو ايضا واضح في الدور الذي لعبه ويلعبه - الى الان - الفرنسي اليهودي برنار هنري ليفي في بنغازي في 4 مارس و 11 ابريل وفي مصراته في 6 مارس و 28 مايو2011 ، وكذلك قيام فرنسا بالضربات الاولى على ليبيا واعترافها الرسمي كأول دولة بالمجلس الانتقالي في تأكيد واضح لأهمية هذا الدور البين.
فما الذي حصل وما هي خلفيات الموضوع؟ ، وما الدور الذي لعبه نوري المسماري مع المخابرات الفرنسية؟ ولماذا تتزعم فرنسا رأس الحربة ,في العملية السياسية والعسكرية في ليبيا؟!.
ان المتتبع للعلاقات الليبية الفرنسية - تاريخيا - لا يلاحظ عداء كبير بين فرنسا وليبيا - اذا ما قورن الامر بعلاقات ليبيا ببريطانيا واميركا - فباستثناء مرحلة الصراع التشادي وقضية الـ "يو تي أي"، فرنسا لها علاقة جيدة بليبيا وهي لم تكن البلد الذي يستعمرها ولم يكن لها ايضا قواعد في ليبيا مثل بريطانيا واميركا- تلك القواعد التي اجليت عام 1970 .
بل ان ليبيا حصلت على نوعيات مهمة من الاسلحة الفرنسية في مراحل لاحقة, وبقت دائما بين البلدين بعض الخيوط المهمة في العلاقات الثنائية حتى ان فرنسا نفسها لم توافق على عبور الطائرات الامريكية لأجوائها في محاولة اغتيال القذافي الشهيرة عام 1986، ايضا شهدت العلاقات الثنائية في السنوات العشر الاخيرة مرحلة ود ظاهر من الزيارات وتوقيع الاتفاقيات في مجالات عدة من اهمها النفط وتصفية موضوع الممرضات البلغاريات (في قضية اطفال الايدز في بنغازي).
والى ذلك، فبالعودة الى عام 2003 بعد اشهر قليلة من الاحتلال الامريكي البريطاني للعراق - ووقوف فرنسا موقف المعارض للاحتلال - نلاحظ صدور مجلة ( لو بوان ) برسم كاريكاتاري فيه صقر اميركي بريطاني يخطف سلة مليئة بالاموال اسمها العراق بينما ديك فرنسي منتوف الريش ملقى على الارض, ذلك الامر كان كافيا ليشرح وجهة نظر تيار فرنسي قوي - في مسالة المصالح والمطامع - وظهر الامر فيما بعد جليا في حملة ساركوزي الانتخابية وزيارته لأميركا بعد انتخابه رئيسا لفرنسا وما قاله في اطار عودة تحالف فرنسا مع اميركا فيما اسماه قيادة العالم الحر.
أن هذا الامر يبدو مرحلة مهمة في معرفة التطور الفرنسي من ليبيا - التي دعمت حسب تصريحات رسمية ليبية الحملة الانتخابية لساركوزي في اطار صفقة سرية - بل ان الفرنسيين عرضوا فيما بعد فكرة شراء اسهم من مؤسسة النفط الليبية ,لكن الامر لم يكن بالسهولة التي اعتقدوها في الاستئثار بالكعكة الليبية ,فالقذافي واجه فرنسا باستقلالية قراره وذهب الى ابعد من ذلك بتغريم شركة توتال الفرنسية بــ 200 مليون دولار - عن مخالفة قانونية ارتكبتها الشركة في عقودها في ليبيا - ولم يوافق على عقود تزيد عن مليار وربع المليار دولار يبدو انها نوقشت مع الجانب الفرنسي اثناء زيارته الشهير لباريس عام 2008 .
هذا مع الاخذ في الاعتبار ان القذافي قد كان تحرك بفاعلية في مناطق نفوذ فرنسا الحيوية في افريقيا بأنشاء تجمع (س ص) - الذي يضم اغلب دول غرب افريقيا - وفيما بعد كان وراء تأسيس الاتحاد الافريقي, وتطور الامر ايضا الى فعل حقيقي في العمل على اقامة البنك الافريقي واصبح هناك حديث فعلي عن الدينار الافريقي - الذي سيكون نفطا جديدا للاقتصاد الليبي - وهو الذي يعني حرمان الاقتصاد الفرنسي من الدورة الاقتصادية لمجموعة غرب افريقيا في ( الفرنك سيفا ) الممول والمضمون من البنك الفرنسي , بل كان القذافي ايضا وراء افشال مشروع فرنسا - الاتحاد من اجل المتوسط - وضربه في عمقه حيث مارس سياسته التحررية في اتجاه التحرر السياسي والاقتصادي لليبيا وللمنطقة.
ان الامر لم يكن ليستمر طويلا فالقذافي صار لاعبا كبيرا في مناطق فرنسا الحيوية التي تبحث عن حصة في الكعكة الدولية التي قد كانت فاتتها في احتلال العراق - وليس لها ان تنتظر اكثر - فبدأت العمل الفعلي على الارض منذ زمن في خط متوازي مع سياسة تسويقية تغطي ما يخطط وايضا بالتوازي مع ما تقوم به منظومة الدول الكبرى ( دول الناتو) في نفس الاطار.
ان اللعبة فيما يتعلق بالدور الفرنسي قد وصلت- بعد اعداد ودراسة واتصالات - الى مرحلة البدء التنفيذ الفعلي فتم في 20 اكتوبر 2010 أخراج نوري المسماري - موظف التشريفات الخاص بالقذافي كأول انشقاق سياسي ليبي- وتسهيل فراره الى تونس ومن ثم تغطيته وتمويه بقائه في باريس واتخاذ اجراءات قانونية شكلية - لتهدئة طرابلس - في نفس الوقت الذي تستمر اللعبة الحثيثة خطوة خطوة.
هذا المسماري قدم لفرنسا كل المعلومات الاظافية المكملة والضرورية والتي تتعلق بالاوضاع العامة والعسكرية واسرار التحالفات الدبلوماسية وطبيعة الاختناقات المحلية والعلاقات المالية وخارطتها حسب (فرانكو بيشيس معاون مدير صحيفة ليبييرو الايطالية عدد 23 مارس 2011 ) انظر www.voltairenet.org
وفي بداية شهر نوفمبر عقد اجتماع معلوماتي في فندق كونكورد لافاييت بباريس ضم المسماري مع مجموعة من المقربين جدا من ساركوزي تلاه اجتماع ثان في يوم 16 من نفس الشهر.,
وبعد يومين فقط سافر وفد فرنسي ضم موظفين من وزارة الزراعة ورؤؤساء للشركات الفرنسية " فرانس اكسبورسيريال" و"فرانس اكريمر" و " دي مناجير سوفليه" و" دي لويس دريفوس" و " دي غلينكور" و " دي كاني سيريال" و " كاراجيل وكوناغرا" هذا على الورق - ظاهريا - كوفد تجاري يريد الحصول على عقود ليبية مهمة في بنغازي ,ولكنه كان في الحقيقة متكون من عسكريين وخبراء مخابراتيين فرنسيين متقمصين صفة رجال اعمال والتقى الوفد - بنفس الغطاء - ببعض الضباط المرتبطين بالمسماري (العقيد عبد الله الجهاني لانه فوق الشبهات) (حسب المصدر).
وتم الوقوف عن كثب على ارض الواقع في المكان المطلوب, ورغم شك السلطات الليبية في الامر الا انها لم تذهب في ذلك بعيدا بعد عملية غطاء فرنسية ذكية بتوقيف المسماري في 2 ديسمبر- على ذمة التحقيق - في باريس ودفعه للقيام بتصريح تمويهي بقوله " انه ليس له في هذا العالم الا القذافي ونجله سيف الاسلام" واستمرت اللعبة تدريجيا حتى يوم 23 ديسمبر2010 حيث وصل الى باريس شخص اسمه فرج ويرافقه فتحي ابو خريص وعلي ونيس المنصوري والحاجي - الذين سيكونوا فيما بعد اهم قادة اللحظات الاولى في بنغازي في 17 فبراير( حسب المصدر نفسه) - والتقت المجموعة بالمسماري برفقة ضباط مخابرات فرنسيين وموظفين مكلفين من الاليزيه.
اتبع هذا الامر باجراءات اعلامية تتحدث عن حالة غليان في بنغازي سربت في صحيفة مغرب كونفيدانسيال 24 ديسمبر 2011 ( وهو تاريخ مقصود سياسيا ) وهكذا بدأ العد التنازلي الفعلي للعملية - بالتوازي مع لاعبين عرب ودوليين لهم اسبابهم الخاصة - بالاستفادة من وهج الثورتين التونسية والمصرية والموجة الاعلامية المصاحبة والانجراف الشعبي العربي وراء الحدثين وتأثيرهما في الرأي العام مما وفر الجو المناسب محليا وعربيا لتقمص الاوضاع الداخلية في ليبيا بالاستفادة من الظروف - والتي كان الفرنسيون قد درسوها جيدا بالتوازي مع لاعبين دوليين اخرين - وتثميرها وتوجيهها مرحلة مرحلة, وهكذا فيما بعد دخلت العملية لمرحلة اخرى يقوم فيها اليهودي الفرنسي برنار هنري ليفي بالدور المطلوب في بنغازي ومصراته بالتوازي مع لاعبين اخرين مكملين.
ان السر الفرنسي في الازمة الليبية يعبر عن انتقام سياسي واقتصادي، وايضا عن اهمية الكعكة الليبية في لعبة الامم ( اقتصاديا وسياسيا جنوب المتوسط) وهو ايضا يعبر عن القدرة الفائقة في استثمار الظروف الداخلية وربطها بالعامل الدولي مما يحدث حالة نراها اليوم واضحة وبينة في ليبيا، انه دور فرنسي يتجاوز حدود منطقة الاهتمام القديم لفرنسا ويتوغل شرقا في ليبيا ( وربما يلتف على الجزائر) الامنية الفرنسية الكبرى.
* كاتب من ليبيا مقيم في بريطانيا
gharssalla@gmail.com
المصدر: آرام
ما هذه التراهات الزائفة، آخرتها طلعتوا فرنسا هي اللي بدأت الثورة وأنها لم تكن عفوية، لن تنجحوا في تزييف الحقائق الجرذافي وطغيانه ورد فعله الجنوني على المظاهرات السلمية هي سبب الثورة، وفرنسا مثلها مثل الدول الحرة كقطر والإمارات لم ترضى أن تقف متفرجة على هدر الدم الليبي من الآلة العسكرية الجرذافية برغم الصداقة القديمة مع الجرذافي، وتدخلها كان من تفويض الجامعة العربية ومجلس الأمن الدولي بإجماع الدول، اخرس فلن تستطيع الترويج للجرذافي أيها الكاتب الأفاق.
ردحذفمسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسساكين ياليبيين على العموم حكمة الله الدجال ظاهر فلقد انتهى اليوم الذي كألف سنة واليوم الذي كشهر ولقد دخل في اليوم الذي كأسبوع وهو يقترب من اليوم المساوي لأيامنا فاستعدوا للفتن الجنة نار والنار جنة
ردحذف