الأربعاء، 8 يونيو 2011

رداً على السيد عبد الباري عطوان..

الشعب الليبي الثائر وقيادته يعرفون جيداً من هو برنار هنري ليفي
ابراهيم عمر الدباشي: لم التق بالسيد عبد الباري عطوان أبدا ولكنني اشعر بأنني أعرفه، وكنت دائماً أكن له كل الاحترام حتى عندما لا أوافق على آرائه وتحليلاته، ولكن يبدو ان تناوله للملف الليبي بدا في تبديد الصورة التي كونتها عنه، لتحل محلها صورة لا أتمناها لأي مثقف عربي أو صحافي احترمه.

لست ممن يكتبون في الصحف، أو يرغبون في ذلك، ولكن مقال السيد عطوان يوم السبت 4 حزيران/يونيو 2011 استفزني الى ابعد الحدود، ولا شك انه استفز الملايين من الليبيين الحريصين على موطنهم وعلى وطنهم العربي.
ليس من المستغرب ان نرى حملة التشويه التي بدأت في الايام الاخيرة ضد الثورة الليبية، فعندما تقترب الثورات من الانتصار تكثر ضدها المؤامرات لتشتيت جهودها، وإبطاء مسيرتها، بل ينشط البحث عن الوسائل للقضاء عليها، والثورة الليبية ليست استثناء في ذلك، فهي تواجه نظاما شرسا، تحت تصرفه مليارات الدولارات، يكرسها لتحسين صورته، وقهر الشعب لإرغامه على البقاء تحت سيطرته، بالاضافة الى ذلك هناك الكثير من الانظمة التي تخشى امتداد الثورات الى بلدانها وتسعى بكل الطرق الى اجهاضها.
أنا لا أستغرب الدسائس، وحملات التشويه التي يقوم بها أولئك المعادون للثورة، والخائفون منها، ولكن عندما يشارك في ذلك صحافيون يفترض انه لا مصلحة لهم فيها فالأمر يحتاج الى تأمل. لقد كان مقال السيد عطوان حول 'ثوار ليبيا واسرائيل' صادما ومستفزا بكل معنى الكلمة.
لقد فوجئت شخصياً ان يكون السيد عبد الباري عطوان لم يفاجأ بما قاله الكاتب الفرنسي برنار هنري ليفي، خاصة بعد ان عرفت من الفقرة الاخـــيرة في مقاله انه على علم بتكذيب المجلس الوطني لما قاله السيد ليفي، ولأنني كنت اعـــتقد ان الـسيد عطوان، رغم بعض شطحاته، الا انه يكتب بموضوعية في اغلب الاحيان.
لقد قال في مقاله ان مصدر عدم المفاجأة هو معرفته بتاريخ السيد برنار ليفي، ولكن المسألة فيها طرفان، والطرف الرئيس هو الشعب الليبي وثورته، وما بين السطور يقول ان مصدر عدم المفاجأة هو انه يعتقد ان الثوار ليسوا الشعب الليبي، او على الأقل ان القيادة التي أفرزتها الثورة ليست سوى اشخاص من اركان نظام القذافي طامعين في السلطة وحرفوا الثورة عن مسارها. وهو يعلن ذلك بكل وضوح عندما يقول 'وقد انتابتني الشكوك في طبيعة المجلس الوطني الليبي وأهدافه منذ اللحظة الاولى التي شاهدت فيها السيد ليفي اليهودي الصهيوني يتخذ من مدينة بنغازي مقرا له وممثلا لحكامها'. ومن الملاحظ انه قال ممثلا لحكامها ولم يقل ممثلا لدى حكامها، لكي يؤكد بطريقة غير مباشرة ما قاله السيد ليفي.
السيد عبد الباري قال في عدة مناسبات انه يعرف الشعب الليبي، ولكن للأسف يبدو ان الصورة التي رسمها معمر القذافي للشعب الليبي هي التي تسيطر على تفكيره، ولذلك أجد من واجبي ان أنبه السيد عبد الباري عطوان، وكل من يفكر على طريقته، بان الشعب الليبي ليس ساذجا ولا جاهلا او مغفلا، ولا يحتاج الى وصاية، كما حاول القذافي تقديمه للعالم على مدى الاثنتين والأربعين سنة الماضية.. الشعب الليبي الثائر، وقيادته المتمثلة في المجلس الوطني الانتقالي، يعرفون جيدا من هو السيد برنار هنري ليفي، ولكنه في النهاية ليس سوى شخص قدم الى بنغازي كممثل للرئيس الفرنسي، ولسنا في المرحلة التي نقرر فيها من يمثل رؤساء الدول التي ترغب في مساعدتنا.
كنت اتمنى لو وقف السيد عبد الباري عطوان الى جانب الشعب الليبي، في هذه الأيام الحاسمة، وساعده في التصدي لحملة الأكاذيب التي تشن ضد ثورته، ولكنه للأسف بدلا من ذلك اصطف الى جانب نظام القذافي في حملة الدعاية الرخيصة ضد الشعب الليبي لتشويه ثورته، فهو، بالاضافة الى ما سبق ذكره، يرى ان الشعب الليبي الذي أتى بمعمر القذافي للسلطة كان مخلصا لقضايا أمته، وحريصا على وجهه العربي، وهويته الوطنية الاسلامية، اما الشعب الليبي الذي يريد التخلص من القذافي فهو وطني فقط!
ويرى السيد عطوان ايضاً ان ثورة الشعب الليبي خطفها بعض الطامعين في السلطة من أركان نظام القذافي واستعانوا بالناتو لقتل الليبيين، وهو بذلك يتجاهل عمدا ان طلب عقد مجلس الأمن، لاتخاذ الاجراءات لحماية المدنيين، قدم قبل تشكيل المجلس الوطني الانتقالي بأسبوعين، ومن قدمه رسمياً ليس من أركان نظام القذافي، ولا حتى من أطرافه.
ولم ينس السيد عطوان أن يردد في مقاله كل الأكاذيب التي أوردتها بعض الصحف ووكالات الأنباء حول الثورة الليبية، فهو يساوي بين الثوار والقذافي في استخدام المرتزقة، رغم انه يعرف جيدا انه لا توجد مرتزقة في صفوف الثوار، الذين رفضوا الاستعانة حتى بالمتطوعين العرب الذين عبروا عن رغبتهم في القتال معهم. وفي المقابل يعرف ان المرتزقة جزء أساسي من كتائب القذافي.
مزاعم كثيرة أوردها السيد عطوان ليوهم القارئ بان ثورة الشعب الليبي مصدر بلاء، وليظهر فروسيته امام اولئك الذين سبق وان تصدوا لمغالطاته، مدعيا ان الاقلام سكتت عندما أثيرت مسألة المرتزقة التي أشرت اليها سابقا، وعندما قال الأمين العام للأمم المتحدة ان طرفي الصراع ارتكبا جرائم حرب، وعندما اعلنت امريكا انها تخشى من تسرب اسلحة من ليبيا الى تنظيم 'القاعدة'. وفي هذا الصدد اتمنى على السيد عطوان ان يقرأ تقرير لجنة التحقيق الدولية التابعة لمجلس حقوق الانسان الذي أوضح بكل جلاء ان نظام القذافي ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، وأورد بلغة الشك ان جرائم قد تكون ارتكبت على يد الثوار، وشتان بين الامرين.
اما بخصوص تسرب الاسلحة الى عناصر 'القاعدة' فهذا الأمر يزعج الثوار الليبيين اكثر من أي طرف آخر، لانهم يعرفون ان سلوك القذافي يقوم على قاعدة 'أنا ومن بعدي الطوفان'، ومن ثم فانه لن يتوانى عن نشر القلاقل في المنطقة حتى بعد رحيله. وقد رصد الثوار في الاسبوعين الماضيين فرار اعداد كبيرة من المرتزقة الذين جندهم القذافي وعادوا بأسلحتهم الى مالي والنيجر وتشاد، وحتما سيبيعون اسلحتهم لمن يقدم لهم المال، او يحتفظون بها ليستخدمهم عملاء القذافي في المستقبل لزعزعة الاستقرار في بلدانهم.
وأخيرا أقول للسيد عبد الباري عطوان ان هجومك على الثورة الليبية اشد ضررا من هجوم كتائب القذافي على الشعب الليبي، لان كتائب القذافي تمعن في قتل الليبيين فتؤجج الثورة، اما مقالاتك فتحاول قتل الثورة الليبية في عيون ثلاثمئة مليون عربي، من خلال التشكيك في صدق وقومية قيادتها، ومحاولة إضفاء الصدقية على حملة الأكاذيب التي تشن ضدها. فأرجوك يا سيد عبد الباري ان تترك الليبيين وشأنهم، ليبقى لك بعض الاحترام لديهم.
' نائب مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة/ نيويورك
المصدر: القدس العربي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق