الاثنين، 9 مايو 2011

المعارضة تغيّر مناهج التعليم لـ”تفريغها” من فكر القذافي

كيف يمكن التدريس في مدارس تحذف فيها كتب التاريخ الثورات؟ ولا تحتوي كتب الجغرافيا إلا على بضع خرائط وتعلم الأطفال ألا يسائلوا السلطة؟

 كان على المعارضة الليبية المسلحة التوصل إلى حلول لهذه القضايا والمسائل المتعلقة بها وهي تحاول إعادة فتح المدارس في بنغازي الخاضعة لسيطرتها، بعدما كان معظم المنهاج في ما مضى يكرس لتدريس نظريات العقيد معمر القذافي الذي حكم البلاد طويلاً .

وتقول المعارضة إنه قبل بدء الانتفاضة ضد القذافي في فبراير/ شباط، كانت الدروس الأسبوعية في مادة المجتمع والفكر الجماهيري التي تقوم على منهج القذافي إجبارية، وتخلل فكره كل شيء من كتب التاريخ إلى كتب اللغة العربية .

وكان تلاميذ المدارس يدرسون لمحات من الكتاب الأخضر الذي ألفه القذافي، ويختبرون في موضوعات مثل “لماذا نجحت ثورة القذافي عام 1969؟” بعدما تعلموا الإجابة الصحيحة لهذا السؤال وهي من أربع  نقاط أولها أنه تم التخطيط لها سراً .

وتقول بريقة الترهوني وهي طبيبة اضطرت أن تعيد عامها الثاني بالجامعة بعدما نجحت في كل المواد الطبية لأنها رسبت في مادة الفكر الجماهيري “كان هذا مخجلا حقا أن تضطر لحفظ وإعادة كل ما ورد فيها وكأنك مقتنع به” .

لن يتم تدريس هذه المواد بعد ذلك حين تفتح المدارس مرة أخرى، لكن مسؤولين من المعارضة قالوا إن هناك حاجة إلى إصلاح ما هو أكثر من هذا بكثير .

وقالت هناء الجلال التي تشرف على قضايا التعليم بالمجلس المحلي في بنغازي معقل المعارضة “ابني في الصف الرابع وكان يدرس العصر الحجري في حصص التاريخ” . وأضافت “التاريخ شوه تماماً . إذا سألت أي ليبي عن الأحداث التاريخية فلن يعرف شيئاً عنها” .

وتابعت “إنهم لا يعرفون أي شيء عن الحرب العالمية الأولى أو الحرب العالمية الثانية أو الثورة الفرنسية، كأن (القذافي) يخشى أية قصة قد تدفع الناس إلى الدفاع عن حقوقهم” .

وقالت إن من الممكن أن يستمر تدريس العلوم والرياضيات من الكتب الدراسية القديمة لكن معظم المواد الأخرى تحتاج إلى إصلاح كبير .

وأغلقت المدارس والجامعات شرقي ليبيا منذ اندلاع الأحداث، وتحرص الإدارة التي تقودها المعارضة المسلحة على فتحها مرة أخرى لإضفاء مظهر من مظاهر الحياة الطبيعية وإلهاء الشبان عن الصراع الذي وصل إلى حالة من الجمود . وقد يكون إصدار الأمر بفتحها الجزء السهل . وقالت الجلال إن المدرسين فروا ويخشى أولياء الأمور إرسال أبنائهم إلى المدارس وسط مخاوف من عدم الاستقرار الأمني، كما يجب أن يعاد تدريب المدرسين لتشجيع حرية الفكر وإلغاء العقاب البدني . وأضافت “إنه بناء جديد تماما لمؤسسة . نبدأ من نقطة الصفر أو لنكون أكثر دقة من تحت الصفر” .

وتابعت الجلال التي عادت للتدريس في جامعة ببنغازي بعد سنوات بالخارج “أدركت أنني لن أنجح في أن يفهم الطلبة ما لم أهدم أولا حائط الخوف” . وأوضحت أن الطلبة كانوا يخافون بشدة من مجرد الاعتراف بأنهم لم يفهموا شيئا قاله المدرس .

وقالت إنها تحاول إعادة فتح المدارس بحلول يونيو/ حزيران، حتى يستطيع التلاميذ متابعة ما فاتهم من دروس قبل بدء العام الدراسي الجديد في أكتوبر/ تشرين الأول .

وفتحت بعض المدارس أبوابها بالفعل أمام التلاميذ بضع ساعات يومياً كوسيلة للتخلص من الملل والتوتر جراء الحرب التي لا تظهر أي بوادر وشيكة على انتهائها .

في مدرسة خاصة تديرها طاهرة البرعصي في بنغازي يذهب التلاميذ بضع ساعات يوميا لممارسة أنشطة مثل الرسم والغناء . وهي مندهشة لأن الأطفال يرسمون علم ليبيا قبل عهد القذافي الذي اعتمدته المعارضة ويغنون النشيد الوطني الذي كان يغنى في الفترة نفسها عفوياً .

وقالت البرعصي “اندهشت جداً . حين قسمتهم إلى مجموعات اعتقدت أنهم سيطلقون على مجموعاتهم هذه أسماء الشمس والقمر والأزهار، لكنهم أطلقوا عليها أسماء أبطال ثوريين مثل عمر المختار” .

وأكدت الجلال أنها متفائلة بأن يتكيف التلاميذ مع نظام جديد بسرعة على الرغم من التحديات . وقالت “نحن نصنع تاريخاً الآن، إذا تعلم التلاميذ هذا فإنهم سيتعلمون الكثير” .

المصدر: وكالة رويترز

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق