الاثنين، 9 مايو 2011

القذافي يلجأ لتشكيل جيش مقاتل من النساء والأطفال استعدادا لغزو بري متوقع

القاهرة: خالد محمود / في مؤشر جديد على تحديه للعمليات العسكرية التي يشنها حلف شمال الأطلسي (الناتو) ضد قواته العسكرية، ولمطالب الثوار المناوئين له بالتخلي عن السلطة، شرع نظام حكم العقيد الليبي معمر القذافي في تسليح المدنيين على نطاق واسع، في وقت اعترف فيه مسؤول ليبي لـ«الشرق الأوسط» بتجنيد النساء والأطفال للدفاع عما وصفه بمكتسبات ليبيا الحيوية.

وبدأ الجيش الليبي الموالي للقذافي في حملة تجنيد إجبارية للشباب في مختلف مناطق طرابلس في محاولة لحشد مزيد من القوات العسكرية لصالحه.

وقال مسؤول ليبي لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من طرابلس: «نتوقع عملية عسكرية برية يشنها حلف الناتو، نحن نستعد لكل الاحتمالات، إذا حاولوا غزونا برا سنكون جاهزين تماما».

واعتبر نفس المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه، أنه إزاء ما وصفه بعدم نجاح قوات وطائرات الناتو في دفع القذافي إلى التنحي عن الحكم بعد هذا الكم الهائل من القصف الصاروخي والعسكري ضد قواته العسكرية وكتائبه الأمنية، من المرجح القيام بعملية عسكرية برية.

وأضاف: «القصف لن يجبر النظام على الاستسلام، هذا ما أدركه الناتو مؤخرا، لذا نتوقع أن يسعى الناتو لشن حرب برية، لدينا معلومات شبه مؤكدة في هذا الإطار، ونتعامل معها على محمل الجد».

ولجأ القذافي إلى إعادة نشر قواته وآلياته العسكرية مستغلا المساحة الشاسعة للأراضي الليبية التي ما زالت تحت سيطرته، بينما بدأ أيضا في تجنيد النساء والأطفال على حمل السلاح.

وعرض التلفزيون الرسمي الليبي على مدى الساعات الماضية عدة تقارير تظهر مجموعات مختلفة من النساء وهن يتدربن على إطلاق النار، ويتسابقن على إعادة تجميع الكلاشنيكوف والبندقية الآلية.

وقال أحد المشرفين على معسكر لتدريب النساء إن معظمهن ربات بيوت، خرجن بمحض إرادتهن متطوعات للدفاع عن ليبيا والقائد (القذافي).

لكن سكانا في طرابلس قالوا في المقابل لـ«الشرق الأوسط» هاتفيا إنهم سمعوا مؤخرا عن قيام نظام القذافي بإغراء بعض الأسر والعائلات على إرسال النساء لمعسكرات خاصة للتدريب على القتال وحمال السلاح مقابل مبالغ مالية كبيرة.

وقالت سيدة ليبية طلبت عدم تعريفها خوفا من تعرضها للانتقام من السلطات الليبية «ليس سرا أن مسؤولين في حركة اللجان الثورية وقيادات عسكرية وأمنية أعدت قوائم بكل السر في كل الأحياء، لاستدعاء الجميع إلى معسكرات أقيمت على عجل للتدريب العسكري».

وأظهرت اللقطات التي بثها التلفزيون الليبي وجود ضابطات في الجيش الموالي للقذافي يتولين مهمة تدريب النساء اللاتي لا يوجد سقف أعلى لأعمارهن، حيث ظهرت سيدات كبيرات في السن وهن يرتدين الزي المحلي ويطلقن النار من أسلحتهن على أهداف منتقاة في أحد المعسكرات داخل طرابلس. وقال مسؤول عسكري ليبي: لدينا متطوعون من كل الأعمار، هناك نساء وشيوخ، ورجال وحتى شباب صغير السن، الكل يتسابق لأداء دوره الوطني، على حد قوله.

ومع ذلك، ردد مواطنون في طرابلس معلومات غير مؤكدة عن تعرض بعض من رفضوا الانضمام إلى هذه المعسكرات للاعتقال والضرب في أماكن غير معلومة.

ولفت ناشطون ليبيون على موقعي الـ«تويتر» والـ«فيس بوك» إلى أن نظام القذافي يستخدم أيضا الأطفال والصبية كمقاتلين ضمن قواته العسكرية.

لكن مصادر مقربة من الحكومة الليبية اعتبرت في المقابل أن «هذا الوضع طبيعي بالنسبة إلى ما تشهده ليبيا من تطورات وأحداث عسكرية متلاحقة».

ولا يعرف بعد العدد الإجمالي لجيش الأطفال والنساء الذين يسعى القذافي لتشكيله للانضمام إلى قواته العسكرية التي يقدر عددها في الوقت الراهن بنحو 80 ألف مقاتل، وفقا لمصادر رسمية ليبية. وما زال نظام القذافي يصر على أن العقيد الذي يحكم ليبيا بقبضة من الحديد والنار منذ نحو 42 عاما، يتمتع بولاء معظم سكان طرابلس، في وقت تسعى فيه المعارضة المناوئة له إلى تشجيع سكان العاصمة على الخروج في مظاهرات شعبية للتمرد عليه.

ولوحظ أن السلطات الليبية تبدي حساسية مفرطة تجاه أي معلومات أو تقارير تتحدث عن محاولة للقيام بمسيرات شعبية ضد القذافي، حيث سعت وسائل الإعلام الرسمية الموالية للقذافي إلى نفي حدوث اشتباكات قالت قناة «ليبيا» الفضائية التابعة للثوار في وقت سابق إنها وقعت في سوق الجمعة التجاري الشهير في طرابلس، أول من أمس.

وبث التلفزيون الليبي لقطات مصورة قال إنها من عين المكان، نافيا ما تردد عن إحراق إحدى دبابات القذافي، التي كانت متمركزة في وسط السوق ضمن 3 دبابات.

ويقول الثوار نقلا عن مصادر لهم في الداخل إن كتائب القذافي نشرت لأول مرة دبابات في أحياء وشوارع العاصمة، بعد أن تصاعدت عمليات الثوار ضد كتائب القذافي وأجهزته الأمنية.

ورغم محاولات الثوار تشجيع سكان طرابلس على التمرد على غرار ما حدث في عدة مناطق متفرقة من ليبيا ضد القذافي، فإن الكتائب الأمنية للقذافي ما زالت تفر سيطرتها وقبضتها على ضواحي المدينة التي تضم نحو مليون ونصف مليون نسمة.

وقال مسؤول بالمجلس الانتقالي الليبي لـ«الشرق الأوسط» لدينا مصادر وعيون داخل طرابلس، نسعى لتنظيم مقاومة نشطة ضد القذافي في عقر داره، لكن نحتاج إلى المزيد من الوقت وكثير من الجهد والخبرة، على حد تعبيره.

إلى ذلك، قال مصدر عسكري ليبي إن ما وصفه بعدوان التحالف الاستعماري الصليبي، قد قصف مساء أول من أمس عددا من المباني المدنية والبنى التحتية بشعبية الجفرة، وعددا من الأحياء السكنية بمدينة مصراتة وأحياء سكنية تحت الإنجاز.

وأوضح المصدر وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الليبية الرسمية أن عددا من القتلى قد سقطوا وتم تدمير البنية التحتية نتيجة هذا القصف، لكنه كالعادة لم يقدم المزيد من التوضيحات، وسياسيا، عبرت وزارة الخارجية الليبية عن إدانتها الشديدة لما تتعرض له سوريا مما وصفته بالمؤامرة التي تهدف إلى المساس بأمنها الوطني والنيل من مواقفها المبدئية من القضايا العربية.

ودعت الخارجية الليبية في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إلى وقف ما وصفته بالتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لسوريا الشقيقة، مؤكدة على وحدة الموقف بين الشعبين الليبي والسوري تجاه المؤامرات التي تحيكها قوى الاستعمار والهيمنة المدعومة من قوى التآمر الإقليمية.

واعتبرت أن هذا الموقف يأتي «في مواجهة حملات التضليل الإعلامي وتزييف الحقائق بهدف ضرب صمودهما التاريخي في الدفاع عن استقلال قرارهما الوطني ووحدتهما الوطنية، وحماية ثرواتهما ومقدراتهما وسعي سوريا الحثيث لاسترداد أراضيها المحتلة».

إلى ذلك، أعلن المجلس الوطني الانتقالي المناهض لنظام القذافي أنه يقوم مع القوات المسلحة لليبيا الحرة بشراء الأسلحة من أجل تزويد الليبيين الشجعان بالوسائل اللازمة لتخليص البلاد من نظام القذافي.

وأكد المجلس في بيان له أن عملية شراء هذه الأسلحة لم ولن يتم تمويلها من الأموال المستحقة من خلال آلية التمويل المؤقتة التي وضعتها مجموعة الاتصال الدولية. وكان المجلس يحسم بهذا البيان الجدل الذي أثارته تصريحات الناطق الرسمي باسمه عبد الحفيظ غوقة مؤخرا بشأن اعتزام إيطاليا تسليح الثوار بأسلحة هجومية، وهو ما نفته إيطاليا على الفور.

من جهة أخرى، استنكر المجلس الوطني الانتقالي الهجوم الذي قامت به كتائب القذافي أول من أمس على مدينة مصراتة باستخدام طائرات تحمل شعار الصليب الأحمر لإسقاط ألغام في ميناء المدينة، وذلك قبل أن يتم تركيز نيران المدفعية لتدمير خزانات الوقود.

ودعا غوقة، نائب رئيس المجلس الانتقالي المتحدث الرسمي باسمه، قوات الناتو لتكثيف جهودها لحماية المدنيين من وحشية القذافي.

وقال غوقة إن عملية استغلال شعار الصليب الأحمر الدولي لمهاجمة المدنيين تعتبر مثالا آخر على العدوان السافر الذي يتصف به نظام القذافي ضد الشعب الليبي. وهو ما يعتبر دليلا على أي مدى يمكن أن يتمادى نظام القذافي لتدمير ليبيا.

وأضاف: «إننا نناشد قوات حلف الناتو لتكثيف عملياتها ضد كتائب القذافي لضمان عدم حدوث الكارثة الأخيرة مرة أخرى».

وفى بيان منفصل نفى المجلس الوطني الانتقالي تأكيدات البغدادي المحمودي رئيس الوزراء الليبي مؤخرا حول قيام حكومته بدفع رواتب العاملين في جميع الإدارات الحكومية، بما في ذلك العاملون بالمنطقة الشرقية لليبيا.

وقال المجلس في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه عبر البريد الإلكتروني، إن نظام القذافي لم يدفع رواتب موظفي الحكومة البالغ عددهم 140 ألف موظف في المنطقة الشرقية منذ فبراير (شباط) الماضي، كما قام بتحويل كل الأرصدة في بنوك المدينة إلى العاصمة طرابلس لحرمان الثوار من الاستفادة منها.

المصدر: الشرق الأوسط

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق