الأحد، 1 مايو 2011

مايكل أوهانلن: "لا أرى مبرِّرا منطِـقيا لعدم تزويد ثوّار ليبيا بالسِّـلاح"

محمد ماضي/واشنطن: رغم أن السفير الأمريكي في ليبيا، الموجود حاليا في واشنطن، أقَـر بأن إدارة الرئيس أوباما على علم بحقيقة أن المجلس الوطني الإنتقالي في ليبيا يُـمثل جبهة وطنية لها مِـصداقية وتستحِـق مُـساندة الولايات المتحدة. فأنه كرر نفس الحجّـة التي تتذرّع بها واشنطن، لتبرير عدم اعترافها بالمجلس.

وأشار إلى أنه توجد مسائل قانونية تحتاج المزيد من الدراسة، قبل أن يمكن لبلاده الاعتراف بالمجلس كمُـمثل شرعي للشعب الليبي!.

ولإلقاء المزيد من الضوء على هذا الموضوع، توجهت swissinfo.ch إلى الدكتور مايكل أوهانلن، كبير المحللين العسكريين بمعهد بروكنغز في واشنطن، لمعرفة تقييمه للوضع في ليبيا، وتحليل موقف الولايات المتحدة.

كيف تقيِّـم الوضع على الأرض الليبية والذي بدأ يأخُـذ صورة الكَـرّ والفَـرّ، دون حسم لصالح أيٍّ من الطرفيْـن؟
مايكل أوهانلن: على عكس الإيقاع السريع الذي اتّـسمت به الانتفاضة الشعبية في تونس أولا، ثم في مصر وأسفرت في الحالتيْـن عن تغيير النظام، فإن الانتفاضة الشعبية الليبية التي بدأت سِـلمية تحوّلت إلى مواجهة عنيفة، عندما قُـوبلت بوحشية استخدام القذافي للقوة العسكرية في مواجهة ثوار ليسوا مقاتلين أصلا.

وسرعان ما تعرّض المدنيون الليبيون لأخطار جسيمة، دفعت مجلس الأمن للترخيص لتحالف دولي، بفرض حظر للطيران فوق ليبيا، وما صاحب ذلك من قصف جوي لقوات، وأهداف القذافي العسكرية، لكن ذلك لم يحُـل دون مواصلة القوات الموالية للقذافي شنّ هجماتها على المدن التي سيْـطر عليها الثوار. وتحوّلت المواجهة إلى كَـرّ وفـرّ، دون استطاعة أي من الطرفيْـن حسمها لصالحه. وما لم يتم إدخال عُـنصر جديد يكون من شأنه قلْـب ميزان القوى لصالح الثوار بشكل حاسم، فإن القتال سيطُـول دون حسْـم.

وهل يعني ذلك فشل مهمّـة التحالف الدولي بقيادة حلف الأطلسي في توفير الحماية للمدنيين الليبيين؟
مايكل أوهانلن: لا يمكن إنكار حقيقة نجاح التحالف الدولي في الحيلولة دُون وقوع مذبَـحة كبرى، كان القذافي يعتزم القيام بها ضدّ سكان بنغازي، الذين توعَّـدهم بأن لا تأخذه بهم أي رحمة ولا شفقة. كما نجح التحالف في توفير الحماية للمدنيين الليبيين في عدد من المدن في شرق ليبيا، ولكنه لم يتمكّـن من توفير الحماية لهم في مدينة مصراتة، بعد تِـكرار إصابة وقتل عدد من الثوار بسبب التلاحُـم مع قوات القذافي، ولجوء تلك القوات إلى التمويه باستخدام سيارات شبيهة بتلك التي يستخدمها الثوار.

وما يقلقني حقا، هو عدم وجود إستراتيجية يُـمكن من خلالها للثوار حماية أنفسهم بأنفسهم، بحيث لا يحتاجون إلى مواصلة طائرات حلف شمال الأطلسي القيام بطلعات جوية لأجَـل غيْـر مسمّـى، وبحيث يتعذّر على القذافي مواصلة هجماته على الثوار. ولذلك، أعتقد أن قرار بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، كان صائبا كخطوة في الاتجاه الصحيح، بإرسال مستشارين عسكريين لتقديم المشورة للثوّار، ولكن هذا لا يكفي، حيث يتعيّـن تزويد الثوار بأسلحة وعتاد حربيين، يمكِّـنهم من الدفاع عن أنفسهم بأنفسهم.

ولكن، ما الذي يمكن أن يُـغيّر إرسال مستشارين عسكريين غربيين في التّـوازن بين قوات الثوار وكتائب القذافي؟
مايكل أوهانلن: إذا اقتصرت أعدادهم على العشرات، وإذا لم يقوموا بدوْرٍ فِـعلي في تقديم المشورة في ميدان القتال، وإذا لم يقترِن تواجُـدهم بتقديم أسلحة دِفاعية للثوار، فلن يُـحدثوا فارقا كبيرا. ولذلك، يتعيّـن أن تفكِّـر قوات التحالف في تِـكرار السيناريو الذي نفّـذته الولايات المتحدة في أفغانستان عام 2010، بإرسال مئات من المستشارين العسكريين ليعمَـلوا مع الثوار في ميادين القتال والمسارعة لطلب إسنادٍ جوّي والمساعدة في تحديد الأهداف للطائرات المهاجِـمة، مع تزويد الثوار بأسلحة دِفاعية وتدريبهم على استخدامها.

عقد الليبيون الأمريكيون مؤتمرا في واشنطن كرّروا فيه المطالبة بإمداد المجلس الانتقالي الليبي بالسِّـلاح اللاّزم ليتمكَّـنوا من حماية المدنيين ومقاومة هجمات كتائب القذافي. فبماذا تفسِّـر إحجام دول التحالف عن الاستجابة لذلك الطلب؟
مايكل أوهانلن: لا أجد مبرِّرا منطِـقيا لعدم تقديم أسلحة للثوار استنادا لتخوّف البعض من أن ذلك قد يغري الثوار الليبيين بالزّحف نحو طرابلس. فإذا لم يتمكنوا من هزيمة قوات القذافي سيُـواجه التحالف مشكلة ضرورة تصعيد القتال دون وضوح كيفية تحقيق هدف إزاحة القذافي. وأعتقد أن السبب الحقيقي هو التخوّف من التورّط بشكل أوسع في الصراع، وهو تخوّف ليس له مبرِّر مقنع.

وهنا في الولايات المتحدة، يجب عدم التظاهر بأن واشنطن وحلفاؤها، محايِـدون في هذا الصراع. فالكل دخل بعُـمق في الصراع ولم يعُـد طرفا محايِـدا، بل يحاول التحالف مساعدة الثوار على تحقيق الانتصار. أما التخوف من أن تزويد الثوار بالسلاح، سرعان ما سيكون مقدِّمة لإرسال قوات أمريكية وتكرار سيناريو احتلال دولة عربية،  فمردود عليه، لأن أفضل وسيلة لتجنّـب إرسال قوات أمريكية، هي تزويد الثوار الليبيين بالسلاح لتأدِية المهمّـة بأنفسهم.

هل ترى أي إشارات إلى بداية تغيير الموقف الأمريكي المتردّد إزاء دعم الثوار الليبيين؟
مايكل أوهانلن: أرى أن إدارة الرئيس أوباما بدأت تُـدرك ضرورة زيادة دعْـمها للثوار، ولو بشكل تدريجي، بعد أن أدركت أنه لا يوجد أمامها بديل حقيقي عن ذلك الدّعم. ومن هنا، اتخذت الولايات المتحدة خُـطوة إرسال طائرات هجومية بدون طيار لتحسين استهداف قوات وأهداف القذافي، تلتها خطوة تقديم خمسة وعشرين مليون دولار كمساعدة غير عسكرية للثوار. ومع أنني أرى أن إدارة أوباما أخذت وقتا أطول من اللاّزم في تعديل إستراتيجية التعامل مع المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا، فإنها ستضطر في نهاية المطاف إلى زيادة مساعداتها للثوار الليبيين.

إذا طلب منك الرئيس أوباما تقديم المشورة عن أفضل ما يمكن أن تساعد به الولايات المتحدة الثوار في ليبيا، فماذا ستكون النصيحة؟
مايكل أوهانلن: نصيحتي هي تقديم أسلحة دفاعية للثوار على وجه السّـرعة، وبالتحديد أسلحة مضادة للدبابات. ولا أرى سببا منطِـقيا يدعو إلى عدم تزويد الثوار بتلك الأسلحة، فهُـم الذين سيشكِّـلون نواة الجيش الليبي الجديد. وبما أن الولايات المتحدة أعلنت أنها لن تتعامل مع نظام القذافي ولا القادة المقرّبين منه، فيتعين على واشنطن البدء في العمل عن قُـرب مع الثوار. ولا أجد مناصا من حقيقة أنه سيتعيّـن على الولايات المتحدة في نهاية المطاف أن تزوِّد ثوار ليبيا بأسلحة تمكِّـنهم من الدفاع عن أنفسهم بأنفسهم والاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي كمُـمثل شرعي للشعب الليبي.

المصدر: سويس إنفو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق