السبت، 9 أبريل 2011

ثوّار ليبيا من أطياف سياسية متعدّدة ولا سيطرة للقاعدة

معمر عطوي: رغم بطء التطورات على الصعيد الميداني في حسم نتيجة الصراع بين نظام العقيد معمر القذافي والمعارضة التي تتّخذ من مدينة بنغازي في شرق البلاد مقرّاً لها، تبدو الحركة السياسية نشطة على أكثر من محور، وخصوصاً في ما يتعلق بمبادرات ووساطات دولية لم تؤت أُكلها حتى هذه اللحظة.



حراك سياسي كثيف على أكثر من محور، يتزامن مع حرب ضروس تخوضها المعارضة الليبية ضد قوات معمر القذافي على أكثر من جبهة، فيما يُطرح بقوة مغزى عمليات حلف شمالي الأطلسي الذي لا يبدو أنه يحقق أهدافه في الحفاظ على حياة المدنيّين في البلدات والمدن التي تتعرض لحصار كتائب القذافي وقصفها. لعلّ المواقف الأخيرة في هذا السياق جاءت على لسان القائد العسكري للثوار الجنرال عبد الفتاح يونس، الذي وصف عمليات الأطلسي بأنها «خيبة أمل»، فيما يتعرّض سكان مصراتة للإبادة على أيدي كتائب النظام.

 وفي ما يتعلق بمحاولة الدول الكبرى تقاسم كعكة النفط الليبية، يوضح الخبير السياسي الليبي المُعارض، الدكتور صالح جعودة، «أن من الغباء القول إن فرنسا وغيرها من الدول أتوا لمساعدتنا لوجه الله. حين تتقاطع المصالح وتتكوّن منها مصلحة مشتركة سيخدم العالم بعضه بعضاً». ويرى جعودة، في حوار مع «الأخبار»، أن ما يضمن استقلالية المعارضين ومصالحهم، هو أن قرار مجلس الأمن الدولي ليس قراراً من عاصمة معيّنة حتى تستأثر بتنفيذه.

 وفي أجواء الحديث عن وساطات ومبادرات، قيل إن لتركيا دوراً فيها، وصف المُحلل السياسي الليبي الدور التركي بـ«الحياد السلبي» تجاه المعارضة، وقال إن دورهم «مشوّش ومضطرب»، لذلك ظهر امتعاض في صفوف الثوار من هذا الموقف، الذي كان يفترض أن يقف الى جانب الشعب الليبي، رغم كل المساعدات التي قدّمتها أنقرة لليبيّين.

 وقال جعودة، القريب من المجلس الانتقالي، «نحن لا نلوم تركيا من حيث تقدير مصالحها، لكن من واجب حزب العدالة والتنمية أن يرى بعينيه كيف يضرب النظام الليبي شعبه بكل أنواع القذائف والأسلحة»، مشبّهاً ذلك بما فعلته الحكومة الإسرائيلية بالشعب الفلسطيني. وشدّد على أن موقف الأتراك هذا قد يُضعف صدقيّتهم في الشارع العربي والإسلامي.

 وتساءل جعودة «إذا كان الأتراك حريصين على سلامة الشعب الليبي، فلماذا عارضوا تدخّل الحلف الأطلسي ولم يأتوا هم لإنقاذ المدنيين؟»، موضحاً أنه «قد يكون تأخير ضربات الأطلسي لقوات القذافي سببه الضغط التركي»، لكون الجيش التركي هو ثاني أكبر جيش بري في الحلف، الى جانب التأثير الألماني الذي يبدو أنه يراهن على بعض المكاسب من النظام الليبي لقاء موقفه السلبي من التدخل الأطلسي في الجماهيرية.

 وعن الدور القطري، تحدث المُعارض الليبي، الذي عمل سابقاً خبيراً سياسياً لدى الديوان الأميري في قطر، بإيجابية، قائلاً إن «الدوحة دعمت الليبيين سياسياً وإعلامياً ومالياً، وأدارت مطاري طبرق وبنغازي منذ بداية الأحداث». وأضاف إن «أمير قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، يحمل طموحاً كبيراً في الإصلاح والتحديث. حرصه على أمن ومستقبل نفط بلاده وغازها، جعله يعتمد دبلوماسية يتعاطى من خلالها مع الأضداد مثل إسرائيل وإيران في آن».

 وعن هوية المعارضة الليبية، تحدث الخبير السياسي عن تعددية في ألوان الطيف السياسي للثوار، مشيراً الى أنهم ليبراليون ويساريون وإسلاميون وقوميّون عرب ومستقلّون، مؤكداً أن لا هوية حزبية محددة للمعارضة. لكنه استدرك أن هوية الشعب الليبي الإسلامية وثقافته الدينية لا تعنيان أبداً أن المسيطر هناك هو تنظيم القاعدة كما يوهمنا الإعلام.

 ويبدو أن لإسرائيل دوراً خطيراً في الأزمة الليبية، فبحسب جعودة «الإسرائيليون ضغطوا لتأخير صدور قرار مجلس الأمن الرقم 1973، إفساحاً في المجال أمام القذافي ليستجمع قوته وينهي المعارضة»، كاشفاً أن شركة «غلوبال سي أس تي» للأمن المسجّلة في إسرائيل، تتعهد تزويد النظام الليبي بالمُرتزقة بعدما فشل المُرتزقة الأفارقة الذين استغل القذافي فقرهم، في تحقيق أهداف السلطة في طرابلس. وأكّد أن رئيس هذه الشركة جنرال متقاعد من جهاز الأمن الخارجي الإسرائيلي «الموساد» وكذلك نائبه. والجدير بالذكر أن هذه الشركة الأمنية لديها عناصر محترفة تشرف على حراسة مناجم الماس في دول أفريقية. لعل ما يؤكد تورط المرتزقة في أحداث الهضبة الأفريقية، هو ما كشفه التلفزيون الإسرائيلي عن أن الحلفاء لم يقصفوا ليبيا حتى تأكدوا من انسحاب المرتزقة تماماً من المنطقة.
  
 عضو اللجنة المركزية في الحركة الوطنية الديموقراطية الليبية (سابقاً)، أشار إلى دلائل أخرى تؤكد تورط الدولة العبرية في ليبيا، منها العثور على أسلحة إسرائيلية الصنع في مخازن كتائب القذافي، عرضت على شاشات التلفزيونات.

 ويؤكد جعودة أن الجزائر متورطة في تصدير مقاتلين من «القاعدة» الى الجماهيرية. ويوضح أن عناصر الجماعة الليبية الُمقاتلة الذين أطلقهم القذافي قبل تطور الأحداث، هم مواطنون ليبيون مثل غيرهم من تيارات المعارضة الليبية.

 وعن الفوضى التي يعانيها الثوار وسبّبت مقتل أعداد كبيرة منهم لعدم خبرتهم في القتال، يُعرب جعودة عن ثقته بأن القائد العسكري للمعارضة، الجنرال عبد الفتاح يونس، قادر على إعادة تنظيم الثوار لعدم اختراقهم من أي طرف ولانتشالهم من الفوضى التي يعانونها الآن. ورغم أن الحكومة الانتقالية في بنغازي بدأت تعمل على بيع النفط لتمويل مصاريف الثوار، ستبقى المعارضة بحاجة الى دعم من الدول الشقيقة. ويقول «لدى السلطة الانتقالية كفاءات عديدة في أكثر من مجال، ولديها طواقم يمكنها إدارة العملية الاقتصادية في البلاد». وأشار إلى أن وحيد أبو قعييس، الذي يترأس المؤسسة الوطنية للنفط، هو من أكفأ العقليات التي تدير العمليات النفطية.

المصدر صحيفة الاخبار اللبنانية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق