الثلاثاء، 5 أبريل 2011

محمود النــــاكوع: المرحلة الانتقالية وصعوباتها المحتملة فى ليبيا

يدخل الشعب الليبى بكل مستوياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية مرحلة حساسة ودقيقة، وهذه المرحلة تتطلب جهودا استثنائية من الجميع من أجل الخروج من سلبياتها بسلام وبروح معنوية عالية تتناسب مع التضحيات الكبيرة التى قدمها وما زال يقدمها للتخلص من سلطة القذافى الظالمة والتى مارست كل أنواع البطش والتنكيل بهذا الشعب.

المرحلة الانتقالية بدأت منذ تأسيس المجلس الوطنى الانتقالى وبدإ نشاطه فى بنغازى، ومنذ ذلك الوقت بدأت تظهر ملاحظات حول آداء المجلس وحول الصعوبات التى كانت أكبر من قدراته القيادية، ورغم ذلك فإن الشعب الليبى الملتحم مع الثورة الشعبية ظل يعطى تأييده ودعمه للمجلس باعتباره المؤسسة السياسية التى تنطق باسم كل القوى الاجتماعية التى تؤيد التغيير تغييرا جذريا وتسعى إلى بناء ليبيا بناء جديدا فى كل زاوية من زوايا الحياة.

المجلس الوطنى الانتقالى تشكل فى ظروف غاية فى الصعوبة وتحمل أعضاءه مسئولية كبيرة يقدرها كل ليبى وكل ليبية ويكبرون فيهم روح الشجاعة ومعانى الصبر فى مواجهة متطلبات المرحلة فى مجتمع عاش نحو اربعين عاما فى فوضى مدمرة لكل شيئ.
  
ورغم كل ذلك فإن طموحات الناس من الشباب وغيرهم تتمنى بل وتطالب أن يتفاعل المجلس بكل أعضائه ولجانه الإستشارية مع ما تصله من رسائل عبر وسائل الإعلام وعبر الاتصالات المباشرة أو غير المباشرة وأن تحدث تطورا ملموسا فى إمكانية توسيع المجلس واضافة خبرات مهنية وتمثيلية حتى تكتمل مشاركة عدة تيارات سياسية فى المجلس وبذلك تزداد فاعليته... ويصبح مطمئنا للجميع أو للأغلبية على أقل تقدير... ويصبح مؤسسة ذات وزن وطني واقليمي ودولي تلقى كل الاحترام والتقدير وتلغى أي تحفظ فى التعامل معها من جانب الدول الأخرى.

ومن الصعوبات التى تتصف بها المرحلة الآن استمرار عدوان كتائب أمن القذافى على المدنيين عبر خط طويل من مصراته شرقا إلى الزنتان غربا مرورا بالعديد من المدن ومنها العاصمة طرابلس... وهذا العدوان العنيف يطال مناطق أخرى متفرقة هنا وهناك كل واحدة منها تنال نصيبا من الخوف والمعاناة.
  
وكل هذه المدن والمناطق تنال متابعة وعناية من المجلس ولجانه المتخصصة... كما أنها تنال عناية بل وعملا ميدانيا من لجان وأشخاص تطوعوا للعمل الانسانى لتوفير الدواء والغذاء و أشياء حياتية أخرى... ونظرا لسعة البلاد ولصعوبات أمنية تظل سيولة الدعم الخيرى الإنسانى غير كافية. ومع كل ذلك فإن معنويات الشباب فى كل ميادين العمل فى داخل البلاد وخارجها تعبر عن حالة من الحماسة والشجاعة.... إن الشعب قرر أن ينتصر بارادة وعزيمة لا تقبل التراجع ومستعدة للتضحية بالارواح... وقد شاهدنا على شاشات التلفاز ذلك الطبيب المؤمن الشجاع الذى كان فى لحظات الموت يرفض ما يطلبه منه الجلاد... ويفضل أن يموت وهو يردد الله أكبر... لا إله إلا الله. ثم سقط شهيدا برصاص الغدر.
  
كل هذه الحالات، وكل هذه الوقائع المؤلمة تضع المزيد من الأحمال على المجلس الوطنى الانتقالى وكل لجانه الفرعية... وتضع المزيد من المسئوليات على كل ليبى وكل ليبية فى داخل الوطن وخارجه الأمر الذى يحتم على الجميع أن يعتبروا أنفسهم فى حالة استنفار واستعداد للعمل كل حسب قدراته وحسب مجاله وموقعه الجغرافى.
  
بالروح الجماعية وبالتعاون والعمل المنظم سوف تتعامل قوى الثورة الشعبية مع كل الصعوبات وسوف تعالج كل أو الكثير منها ومن ذيولها وآثارها.
  
الحياة موقف عزيز يخلده التاريخ بأجمل الكلمات وأقوى العبارات وأسمى المعانى والذكريات.. يقابله موقف آخر هو موقف العار والذل والخزي لكل من يمارس الظلم والعدوان أو يعين عليه أو يصمت حين لا يجوز الصمت... هنيئا للأبطال فى ميادين الصراع فى هذه المرحلة الانتقالية، وهم يصنعون ملاحم الحرية والعزة والكرامة فى طول البلاد وعرضها.. وقريبا بعون الله وتيسيره سيتجاوز احرار ليبيا كل الصعوبات وسيبنون ليبيا الجديدة على أسس جديدة أركانها : الحرية المسئولة، والعدل وحقوق المواطنة فى دولة يسودها القانون والناس أمامه سواسية ذكورا وإناثا شيوخا وأطفالا.
و " إن الله يحب المقسطين "

المصدر: المشهد الليبي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق