الأربعاء، 9 مارس 2011

مفجر الثورة الليبية للشروق: ننتظر ثائرا من داخل العزيزية يطلق رصاصة الرحمة على المجنون

لا نريد التدخل العسكري الأجنبي لأن القذافي سيسقط على يد الشعب الليبي
حاوره في بنغازي: هاني جريشة

إذا كانت الانتفاضة الليبية تستلهم من الثورتين التونسية والمصرية اللتين أطاحتا بنظاميهما الجائرين، فإنها أيضا قدمت للعالم عددا من الرموز كما هو الشأن بالنسبة للمحامي فتحي تربل، الذي شكل اعتقاله شرارة أشعلت الاحتجاجات الشعبية.
وبعد محمد البوعزيزي، البائع المتجول، والخريج الجامعي الذي أحرق نفسه نتيجة ضيق الظروف الاجتماعية والسياسية في تونس، ووائل غنيم الناشط المصري على موقع "فيسبوك" الذي ندد بأعمال التعذيب التي كانت تمارسها شرطة مبارك، يجسد فتحي تربل ذو التعسة وثلاثين سنة حركة الاحتجاج على الزعيم الليبي معمر القذافي القابض على رقاب العباد منذ 42 عاما.. اعتقل تربل للمرة الأولى عام 1989، رفقة شقيقيه وصهره وابن عمه، ومنذ ذلك الوقت اعتقل خمس مرات. وفي مذبحة سجن أبو سليم فقد تربل شقيقه وصهره وابن عمه، ومنذ ذلك الحين ناضل بشكل سلمي من أجل تحقيق العدالة، وإحضار المجرمين ليمثلوا أمامها، ولم يكن يعلم بالضبط ما هو سبب اعتقاله، الذي يتغير في كل مرة، فأحيانا يتهم بأن له صلة بالمعارضة، وأحيانا يتهمونه بأنه أمير مجموعة إرهابية، وأخرى بتحريض الناس ضد السلطة، وغالبا ما يودع في السجن لفترة طويلة دون التحقيق معه، ثم يفرجون عنه دون أن يبينوا الأسباب.. "الشروق" التقت بمفجر الثورة الليبية في مدينة بنغازي المحررة فكان لها معه هذا الحوار.

 كيف ومتى انطلقت الثورة الليبية.. ولماذا أطلق عليك لقب مفجر نفس الثورة؟
بداية أنا أرفض هذا اللقب ولا استحقه وسأخبرك من هم مفجرو الثورة الحقيقيون، لقد حددت موعدا لتنظيم مظاهرة كبيرة في كل أنحاء ليبيا في 17 فيفري، وهو التاريخ الذي يواكب الذكرى السنوية الخامسة لمقتل وإصابة عشرات المحتجين على يد النظام الليبى، أمام السفارة الإيطالية في طرابلس، بعد إساءة أحد السياسيين الإيطاليين للرسول، وعندما اعتقلتني السلطات الليبية في 15 فيفري 2011، خرجت التظاهرات مبكرة يومين عن موعدها الأصلى، لتنتشر في جميع أنحاء ليبيا. وكنت أنا محامي أهالي ضحايا سجن "بوسليم"، الذي شهد قتل 1200 سجين عام 1996 بمعرفة النظام، لتمردهم على الإدارة، وقرر أهالي الضحايا قبل 3 سنوات تنظيم مظاهرة أسبوعية للمطالبة بمحاكمة القتلة، وهو ما رفضه النظام مكتفيا بتقديم تعويضات تبلغ 200 ألف دينار ليبي. ولذلك أرفض وصفي بـ"مفجر الثورة"، فهذا الدور لعبه أهالي ضحايا سجن بوسليم، وأنا لست إلا معبرا عنهم، وقد اعتمدوا على الإنترنت، وموقعي "فيس بوك" و"تويتر"، اللذين كانا سلاحا فعالا في الثورة.
 نسبت اليك مهمة المنسق لشؤون الشباب والمجتمع المدني في ائتلاف ثورة 17 فبراير.. هل هو منصب وزاري في الحكومة الانتقالية؟
- لسنا وزراء في حكومة جديدة، بل نحن مجرد ائتلاف لتسيير الوضع حتى تستقر الأمور، خاصة أن ليبيا لاتزال في مرحلة إسقاط النظام، وهناك مخططات للمرحلة المقبلة، الأول: إنشاء مجالس بلدية لإدارة الأمور حتى يتم إسقاط النظام نهائيا، والثاني: إقامة حكومة تكنوقراط انتقالية لإدارة البلد في مرحلة تأسيس نظام جديد، والثالث: إجراء انتخابات حقيقية لإقامة حكومة ممثلة للشعب، وفي كل هذا تبقى التعددية وضم جميع الليبيين هو أساس تحركاتنا، لأن مرحلة الإقصاء ذهبت إلى غير رجعة.
  كيف تقرأ خطابات الزعيم معمر القذافي الأخيرة؟
- لا شك أنه بدا مرتبكا مهزوزا ومضطربا جدا وغير مقنع، وإن كان قد اعتمد لأول مرة منذ بدء الاحتجاجات لغة تهدئة في بعض فقرات خطابه؛ تهدئة للداخل والخارج، لكن القذافي وكعادته في خطاباته يغير من لهجته وينتقل بسرعة من التهدئة إلى التهديد والوعيد.
  ربما هو يرى النهاية لكنه يكابر فقط؟
- للأسف هذا حقيقي ولذلك يظهر من خطاباته مدى اضطرابه وتناقضه، فهو يقول إنه ليس رئيسا وليس له أي منصب وفي الوقت نفسه يهدد ويتوعد ويعطي لنفسه الحق العفو على من يسميهم المغرر بهم!، وهذا الخطاب يكشف أكثر فأكثر مدى المأساة التي يعيشها الشعب الليبي تحت حكم العقيد القذافي منذ 42 سنة.
  كيف ترى المخرج الآن لإنقاذ ليبيا؟
- إما أن يطلق أحد المقربين من القذافي عليه "رصاصة الرحمة" ويخلص الشعب الليبي والعالم منه، أو أن تقوم فرقة كوماندوس بالعملية.
  في ظل الضغط الدولي على القذافي وفرض العقوبات عليه وعلى نظامه، ما الذي تنتظره المعارضة الليبية من الغرب؟
- نحن لا نتكلم عن المعارضة، نحن نتكلم عن الشعب الليبي الذي يقف ضد القذافي وأولاده، فهذا هو الوضع الحقيقي، أما بخصوص ما ينتظره الشعب الليبي من العالم فهو الدعم المباشر والقوي ماديا ومعنويا، ورد فعل المجتمع الدولي جيد حتى الآن ومقبول من الشعب الليبي إلى حد كبير جدا، ونتمنى أن يكون هناك حظر جوي. أما أكثر من ذلك والتدخل المباشر فهو غير مطلوب وغير مرغوب فيه.
   معنى ذلك أنكم لا تريدون التدخل الدولي العسكري لإسقاط نظام القذافي؟
- لا، إننا لا نريد التدخل العسكري، لأن القذافي سيسقط بطريقة أو أخرى على يد الشعب الليبي. وبهذه الضغوط المتكررة من الداخل ومن الخارج، وبانحياز الكثير من القيادات العسكرية والمدنية إلى الشعب الليبي وبتخلي الجنود عنه سيضعف القذافي ولن يبقى أمامه بعد ذلك سوى الرحيل أو الوقوع في يد الشعب.
     ما الفائدة التي ستعود على الثورة من فرض الحظر الجوي؟
- نحن نطالب المجتمع الدولي بفرض حظر جوى على ليبيا، حتى لا يتمكن القذافى من قتل شعبه بالطائرات العسكرية، وبالدفع لمحاكمته هو وأعوانه أمام محكمة الجنايات الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، حتى لا يستطيع الهرب خارج ليبيا.
    لكن القذافي يرفض التنازل والرحيل ويقول إنه لايزال يسيطر على الوضع؟
- فليبق في باب العزيزية وليتحمل نتائج هذا القرار. إن ما يقوله القذافي ما هو إلا كلام لا معنى له، إنه لا يعرف ماذا يريد، ولا ماذا يفعل، لأنه لم يعد يملك القدرة العقلية لذلك، ولا يمكن التفاهم معه بأي شكل من الأشكال، ويجب أن يعرف هو وأولاده بأنه لا مفر من الرحل.
هل يعني ذلك أنه ليس هناك مجال للحوار معه؟
- ليس هناك مجال أبدا، فقد صار الوقت متأخرا جداً لذلك، فلو أنه عرض في البداية وبعد الخطاب الأول لإبنه سيف الاسلام، شيئا معقولا على الشعب الليبي لكان الحوار معه والوصول إلى اتفاق ممكن، لكنه هو الذي بدأ بالعدوان وجهز آلته العسكرية من أجل سفك الدماء، ولم يترك أي مجال للحوار لا هو ولا ابنه بعد الكلام الذي قالاه، فمنذ البداية جاءا بروح عدوانية وقتلوا وخونوا الليبيين واتهموهم بتناول المخدرات.

الشروق أونلاين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق