الأربعاء، 9 مارس 2011

لماذا قبلت السلطات التنظيمية استقبال مصارفها أموالا مشبوهة؟

ثروات الحكام المستبدين تلطخ سمعة النظام المالي العالمي 
فايننشال تايمز: عندما كانت سويسرا اول دولة تصدر اوامر بتجميد ثروة الزعيم الليبي معمر القذافي، كان واضحا ان ذلك لم يثر رضا الجماعات المناهضة للفساد.
فرغم ان تلك الاجراءات ابهجت الناشطين، فان البعض منهم تساءل ان كانت تلك الاجراءات محدودة جدا ومتأخرة للغاية بالنسبة لبلد سمح بالفعل لمبلغ 5 مليارات دولار من الاموال الليبية ان تخرج منه بعد المشاحنات الدبلوماسية التي وقعت بين بيرن وطرابلس.

وكما يصف الامر روبرت بالمر، المنظم في فريق حملة «غلوبل ويتنس» التي تتخذ من لندن مقرا لها «تقوم سويسرا بجهد كبير للغاية من اجل تنظيف سمعتها من خلال تجميد الاموال قبل ان تقوم اي دولة اخرى بذلك. لكن ما ينبغي عليها القيام به هو ان تبذل الجهد ذاته لتنظيم مصارفها لضمان الا تقبل اموالا قذرة من الاساس».
ويسلط تعليق بالمر الضوء على الضغوط المتنامية التي من المرجح ان تتعرض لها الاجهزة التنظيمية في انحاء العالم مع انتشار الثورات في انحاء الشرق الاوسط.

المطالب السياسية
فاذا ما تحدت تلك الاجهزة المطالبات السياسية الداعية الى فرض تجميد للاصول على المستبدين، فانها ستتهم بالتحريض والمساعدة في المخالفات التي ارتكبها حكام نبذوا من قبل شعوبهم. لكن اذا انحنت للضغوط، فان الناس سيتساءلون لماذا، اذا ما اصبح هؤلاء الحكام غير مقبولين، لم تستبعد اموالهم من النظام المالي العالمي قبل سنوات؟

وقد ادى الاجراء الذي اتخذته سويسرا الى تسارع واندفاع كبيرين في الايام الاخيرة على تجميد اصول ذات صلة بالعقيد القذافي وبعض من ابنائه ومساعديه، في اطار الرد الدولي على حملة عائلة القذافي على الثورة في ليبيا.

وكان مجلس الامن في الامم المتحدة، اصدر تعليمات السبت الماضي للدول الاعضاء بتجميد اصول القذافي ومعاونيه المقربين، ليتبع الاتحاد الاوروبي الخطوة ذاتها الاثنين. وكان باراك اوباما، الرئيس الاميركي، أذن في وقت سابق بفرض عقوبات تستهدف القذافي وعائلته والمسؤولين الليبيين وغيرهم من الافراد الذين يشتبه بتورطهم بانتهاكات لحقوق الانسان.

وفي بريطانيا، التي تعتبر وجهة كبيرة للاستثمارات الليبية، اعلنت الحكومة عن تجميد للثروات ذات الصلة بالقذافي وخمسة من ابنائه. وقد نشر موضوع يشير الى حجم وعمق الانتشار المالي الليبي في بريطانيا، مفاده انه تم منح خروج ما قيمته 900 مليون جنيه استرليني من الأوراق النقدية الليبية تم طباعتها حديثا في شمال انكلترا.
ومع ظهور أدلة متزايدة على امتلاك الدول الغربية لاصول ذات صلة بمستبدي الشرق الاوسط، يتساءل المنتقدون: لماذا سمح اصلا لتلك الاموال بالدخول اليها؟ وما يحدث حاليا في ليبيا قد يكون وحشيا على نحو خاص، لكنه يكاد لا يخفى على احد ان العقيد القذافي وزين العابدين بن علي (الرئيس التونسي المخلوع) وحسني مبارك (الرئيس المصري المخلوع) كانت لهم تعاملات مالية مشبوهة ويرأسون انظمة قمعية.

وسيرد المدافعون عن الوضع الراهن بالقول ان السلطات المالية غالبا ما تمارس انضباطا بصورة صحيحة تماما في ما تستطيع القيام به ما لم يوجد دليل على الفساد او شبهة فساد. ولا توجد لدى جميع الدول قوانين صارمة في ما يتعلق بتجميد الاصول كتلك التي طرحت في سويسرا بعد الاحراج الذي تعرضت له بشأن قضية اجبرت تقريبا فيها على اعادة ملايين الدولارات الى عائلة جان كلود دوفاليير، دكتاتور هاييتي السابق.

الأرقام النهائية
ومن المبكر بعد الحكم ماذا كان هناك مشكلة كبيرة تتعلق بتجميد الاصول الشرق اوسطية، الذي تتهافت عليه الدول الغربية. اذ حددت سويسرا حتى الآن عشرات الملايين من الدولارات ذات الصلة بحسني مبارك في نظامها المالي، رغم عدم وجود مؤشر على ان ذلك هو الرقم الاجمالي والنهائي.

وربما يتبين ان الثروات الخارجية لمبارك وغيره من الحكام صغيرة نسبيا، مقارنة بالمليارات التي يزعم انها سرقت من قبل من هم على شاكلة الجنرال ساني اباتشا، دكتاتور نيجيريا الراحل ومساعديه.

اذ اشعل الحاكم المستبد الجنرال اباتشا وغيره من مستبدي افريقيا في نهاية القرن الماضي، موجة من عمليات كشف محرجة بشأن ثرواتهم الخارجية، والسؤال المطروح هو: ما اذا كان اسقاط نظرائهم في الشرق الاوسط سيتسبب في نفس الشيء.

فاذا حدث الامر ذاته من موجة كشف عن ثروات خارجية تتسبب في احراج كبير للدول الغربية، فانه من المتوقع ان يوجه النقاد سهام نقدهم اللاذعة والقاسية الى الاجهزة التنظيمية والرقابية والمؤسسات المالية التي تحت اشرافها ورقابتها التي اخفقت او ترفض ان تتعلم من اخطاء الماضي.

صحيفة القبس الكويتية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق