الجمعة، 25 نوفمبر 2011

درس نووي: لا تكونوا مثل ليبيا... بل مثل كوريا الشمالية
تاد دالي- «كريستيان ساينس مونيتور»

اذن، فقد ألقت قوات الثوار الليبية، بمساعدة القوة العسكرية الضخمة للولايات المتحدة وحلفائها من الناتو، بمعمر القذافي البغيض الى مزبلة التاريخ.

فيما يتأمل الخبراء في الدروس التي يمكن أن تتعلمها الدول الأخرى من هذه المهمة، قد يفاجأ المرء بأن يعلم أن الأدهى من بين هؤلاء الخبراء لم يكن سوى كيم يونغ الثاني، زعيم كوريا الشمالية «المتقلب» و»اللاعقلاني» و»الذي لا يمكن التنبؤ بما سيفعله».
بعد أيام فقط على بدء الناتو «تنفيذه» «للحظر الجوي» الذي أقرته الأمم المتحدة من خلال إطلاق صواريخ كروز باتجاه منزل السيد القذافي، أدرك السيد كيم مباشرة مضامين ذلك بالنسبة لدولته- وأي دولة أخرى يمكن أن تجد نفسها يوما وقد اشتبكت مع الغرب. في تعليقات صدرت هذا الربيع، قال مسؤول مجهول الاسم في وزارة خارجية كوريا الشمالية أن «الأزمة الليبية تعلم المجتمع الدولي درسا عظيما».
كان على القذافي أن يتمسك ببرنامج تسلحه النووي.
لو أن ليبيا امتلكت القدرة على محو قاعدة عسكرية رئيسية للأميركان في إيطاليا، أو أن تدمر حاملة طائرات أميركية كاملة مع الحامية المرافقة لها قرب الساحل الجنوبي لفرنسا، لكان ذلك قد جعل واشنطن (عداك عن روما وباريس) تعدل عن القيام بعمليات عسكرية. لو أن النظام الليبي كان يريد أن يضمن بقاءه، مثل كوريا الشمالية تماما، لكان يتوجب عليه أن يطور سلاح ردع نووي- صغير الحجم، قادر على الاستمرار، وفتاك بما يكفي لإحداث دمار هائل لأي معتد.
لكن عوضا عن ذلك، القذافي وقع في شرك الغرب. قالوا له تخلى عن أسلحة الدمار الشامل الخاصة بك وسوف نرحب بك في المجتمع الدولي. ليبيا فعلت ذلك في نهاية عام 2003.
قال المسؤول الكوري الشمالي: وبالنظر الى الماضي، من الواضح الآن أن هذا لم يكن، بالنسبة للغرب، أقل من «اجتياح تكتيكي لتجريد الدولة من أسلحتها». لأنه حالما قام القذافي، الذي نزعت مخالبه، بأعمال أثارت استياء أسياد ليبيا الغربيين، فقد هوت المطرقة العسكرية المهولة الخاصة بالعالم المتقدم عليه.
من غير المعقول طبعا أن قوات الثوار الليبيين كانت ستتمكن من الاقتراب من النجاح بدون الغارات الجوية الفتاكة التي وجهت الى النظام في طرابلس. (في الواقع، يبدو أن نقطة التحول كانت، بالرجوع الى الأحداث الماضية، قرار واشنطن في شهر آب بمضاعفة عدد غاراتها الجوية بطائرات بلا طيار من طراز بريداتور).
والآن، وقد لقي مصرعه في القتال، فإن هذا المصير لا ينتظر كيم رئيس كوريا الشمالية. رغم أن نظامه متقلب وغير مسؤول وبغيض، ذلك أنه يمسك في يديه ورقة الردع النووي الرابحة. إنه يمتلك بالفعل القدرة على محو قاعدة عسكرية رئيسية للأميركان في كوريا الجنوبية، أو تدمير «حاملة طائرات أميركية كاملة مع الحامية المرافقة لها» في بحر اليابان.
في هذا العصر المتسم بالتفوق الأميركي العسكري الساحق، لا يمكن لأي دولة أن تأمل بالدفاع عن نفسها ضد العملاق الضخم- أن تمنع صواريخه من ضرب أهداف فيها، أو أن تدمر طائراته في الجو. لكن يمكن للدولة أن تردع هذا العملاق من شن هذه الهجمات منذ البداية، من خلال امتلاك أسلحة نووية.
متى كانت آخر مرة سمعتم فيها أي شخص يتحدث عن «منطقة حظر طيران جوي»، أو غارات جوية بدون طيار من طراز بريداتور، أو أي نوع آخر من العمل العسكري الغربي موجه الى كوريا الشمالية؟
هذا لا يعني أن القذافي كان بلا خطيئة. كل من ليبيا وبقية دول العالم قد ارتاحتا منه. لكن مهما كان ما يعتقده المرء حيال حكم القذافي، فإن قيام الناتو والثوار بالتخلص منه قد سرع على الأرجح من السير باتجاه عالم لا يضم فقط تسعا، بل اثنتا عشر، أو تسع عشرة أو تسعا وعشرين دولة مسلحة نوويا.
وماذا ستكون الاحتمالات حينها، في ذلك العالم، لتجنب الإرهاب النووي نهائيا، أو إطلاق أسلحة نووية بشكل غير مقصود، أو سوء إدارة للأزمة النووية أو حرب نووية؟
الطريقة الوحيدة لردع هذه الدول العديدة الأخرى عن الإغراء النووي هو بتقديم ضمانات أمنية حقيقية لهم (بدلا من الشرك الذي قدم الى ليبيا). المجتمع الدولي، بقيادة الغرب، يجب أن ينشئ حكما عالميا حقيقيا للقانون وأن يتقيد به. (سيكون هذا مناقضا للإشاعة الوحشية التي تقول بتحويل المبدأ المتعلق بـ «مسؤولية دولية لحماية» المدنيين المعرضين للهجوم الى حملة جوية مدمرة موجهة بوضوح الى إسقاط النظام الليبي).
والأهم، يجب على الغرب أن يرفض نفاق المعيار النووي المزدوج- حيث تصرح بعض الدول عن نيتها التمسك بالأسلحة النووية لعقود قادمة (أو حتى قرون، وفقا لوزيرة الخارجية، كلينتون)، فيما يقال للدول الأخرى أنها لا تستطيع امتلاك سلاح واحد.
الى أن يتبنى الغرب هذه السياسات الخارجية المنفتحة، لا يمكن اعتبار كيم سوى أعظم حكيم في الساحة الدولية اليوم. ما الذي ستنصحون به الآن، اذا كان أحدكم المسؤول عن التخطيط في دولة إيران؟ ما الذي ستفعلونه الآن، اذا كان أحدكم من بين الكادر القيادي في فنزويلا، أو زيمبابواي أو بورما أو أحد الدول العديدة الأخرى التي يمكن أن تزعج واشنطن يوما ما؟
ما الذي ستتمسكون به الآن، بأي ثمن، اذا كنتم مكان كيم؟
الدستور

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق