انا جاهز للقتل مقابل 4000 دولار
كومسومولسكايا برافدا
يرفض القانون الدولي وصف اولئك الذين يخدمون خارج وطنهم مقابل اموال بكونهم عسكريين. لذلك لا تطالهم اتفاقيات الاسرى الدولية، او بالاحرى انهم لا يحظون باي ضمان او حماية. ويمكن القول ان أوكرانيا سوف لا تدافع عن حقوقهم.
حاولت صحيفة "كومسومولسكايا برافدا" الروسية الاستيضاح عمَنْ يقوم بتجنيد الشباب الاوكرانيين؟، ومِن اجل اي هدف يخاطرون بحياتهم؟، وكم يقبضون مقابل القتل؟.
الوطن يعرفهم
لقد اصبحت المشاركة في العمليات الحربية خارج الوطن من قبل المرتزقة مهنة حقيقية. واطلق عليهم بفرنسا لقب" لجيونير" او أفراد الفيلق. وفي المانيا يسمونهم بـ "خادم البلاد". اما اهالي الولايات المتحدة فيسمونهم بـ "الوز البري".
وبدأ تاريخ المرتزقة الاوكرانيين مع ولادة اوكرانيا المستقلة، حيث انهار في تسعينات القرن الماضي اقتصاد البلاد وبدأت معه تنهار وتنحط الوحدات العسكرية، مما اجبر الضباط المحترفين الذين يكنسون الشوارع، حيث اندفع اول الجنود الاوكرانيين في البحث عن حظ لهم خارج الوطن، بما في ذلك الى الشيشان وسيراليون وقره باغ وترانسنستريا ويوغوسلافيا واوسيتيا الجنوبية، واخيرا شاءت الاقدار ان يقعوا في ليبيا.
ولم يحضر اوكرانيون الى هناك رسميا. وكانت وزارة الخارجية الاوكرانية تعلن مرارا ان الحديث حول مرتزقة اوكرانيين هو مجرد تسريبات اعلامية اختلقها الصحفيون الغربيون. وبالمناسبة فان صحيفة "ستراتفور" الامريكية نشرت معلومات، نقلا عن مصادر لها، تزعم فيها ان الطيارين الاوكرانيين يقصفون قوات الثوار والتظاهرات السلمية ضد القذافي، وذلك من طيارات "ميغ" السوفيتية. وافادت الصحيفة بأسر احد هؤلاء الطيارين.
وفي 23 اغسطس/اب الماضي كشفت صحفية في قناة " Channel News4" الامريكية عن اثر اوكراني في الحرب الليبية. وكتبت في شبكة التواصل الاجتماعي "تويتر":" خطف الثوار الليبيون مرتزقة اوكرانيين حاربوا الى جانب الزعيم الليبي معمر القذافي. وقالت الصحفية:" شاهدتُ 11 رجلا رفعوا الايدي. وابلغني قائد الثوار ان هؤلاء قتلة مرتزقة وصلوا الى ليبيا من اوكرانيا".
مصائب قوم عند قوم فوائد
استطعنا ان نعثر في اوكرانيا على شخص كان يحارب في ليبيا، وهو فلاديمير لياخوفيتش البالغ من العمر 39 عاما وقد طلب عدم ذكر اسمه وانه عاد الي بيته من ليبيا منذ شهر. وكان هناك على مدى اشهر قائدا للوحدة العسكرية الحكومية في مدينة مصراتة. واصيب بجرح في الكتف قبل مغادرته ليبيا.. ولم يسمح فلاديمير بنشر صورته الفوتوغرافية. وحتى زوجته وابنته الصغيرة لا تعرفان ماذا كان يعمل في طرابلس، وتعتقدان انه عمل سائقا في شركة لبيع السيارات المستهلكة. لكن في واقع الامر فان لياخوفيتش تعلم الرماية من الاسلحة منذ نعومة اظفاره ، علما ان والده كان ضابطا ، وانه خدم عام 1999 في كوسوفو ضابطا في قوات حفظ السلام، حيث تعرف على اشخاص قاموا بتجنيد المرتزقة. وقال فلاديمير:" بعد ان انتقل لهب الثورة من مصر الى ليبيا ادركت انه بوسعي ايجاد فرصة للعمل هناك. واتصلت بهؤلاء الاشخاص الذين رحبوا بي وقالوا ان ليبيا هي بلد غني والمعدات الحربية هناك سوفيتية الصنع. اما العرب فلا يتقنون فن الحرب. وعرفت ان هناك شركة في مدينة اوديسا تقوم بتجنيد المرتزقة. وقام منتسبو الشركة في اول ايام الحرب الليبية بارسال فريق من المهنسين الى ليبيا جوا. وكان هذا الفريق في التسعينات يقوم هناك بصيانة الطائرات والصواريخ. ثم قامت الشركة بارسال مجموعة متألفة من 20 فردا للمشاة الى الجماهيرية. وسبق لهؤلاء ان شاركوا في عمليات حفظ السلام وبعضهم اكتسبوا خبرات في جورجيا.
ووصل فلاديمير الى اوديسا في منتصف فبراير/شباط. واتصل بمكتب صغير عمل على تجنيد خبراء ومهندسين. وقالو اصحاب المكتب انهم بحاجة الى خبراء النفط والسائقين والمهندسين شريطة ان يكونوا على صحة جيدة.
وقال فيكتور:" أتت فتاة بنسخة من الاتفاقية بورقتين وقالت انني سأعمل سائقا في شركة تعمل على بيع السيارات. واتفقنا على ان ننطلق من اوديسا، لكن ليس الى طرابلس بل الى السودان المجاورة. وبموجب الاتفاقية تعهد المكتب بدفع راتب قدره 4 آلاف دولار كل شهر.
وقال فلاديمير ان خمسة شباب كانوا معه، احدهم من اهالي مدينة دونيتسك، والبقية من محافظتي نيقولايف واوديسا. واستقبل عربي اسمه ابراهيم المرتزقة الاوكرانيين في المطار واوصلهم الى سيارة نقلتهم الى طرابلس. ولم يختم رجال الحدود اية تاشيرات في جوازاتهم لانهم دخلوا البلد بشكل غير رسمي.
وقال فلاديمير:" التقيت بقائد المعسكر في فندق واقع بضواحي طرابلس. واتضح انه يجيد اللغة الروسية. فاطلعنا القائد باختصار على الاسلحة، ثم سأل عن تخصصاتنا، وقال ان القذافي بحاجة الى القناصين وقادة الوحدات الفرعية والجنود الذين يجيدون استخدام اسلحة معقدة. وكانت في حوزة الليبيين العربات القتالية والاسلحة نفسها التي كانت في حوزتنا. وبينها رشاشات كلاشينكوف و راجمات الصواريخ "غراد" ودبابات "تي – 72" و"تي 62" وعربات المشاة القتالية "بي ام بي – 1" وناقلات الافراد المدرعة "بي تي ار – 60" وعربات الاستطلاع القتالية "بي ار دي ام – 2" والمدافع الذاتية الحركة " غفوزديكا" و"أكاتسيا".
ومضى فلاديمير قائلا:" تم تعييني قائدا لفصيل المشاة. وضم هذا الفصيل 30 جنديا من اهالي الدول الافريقية المجاورة مع ليبيا بالاضافة الى شابين صربيين وشاب مولدافي. اما بقية الشباب الاوكرانيين فتولوا ممارسة تخصصات القناص والطيار. ثم تلقيت هوية شخصية مرقمة يذكر فيها اسم ولقب يختلف عن اسمي ولقبي. كما انيط كل احد بمهمة قتالية. وقالوا لنا ان راتبنا يبلغ الآن 10 آلاف دولار. وتعهدوا بدفع 1500 دولار كل يوم في حال اشتداد المعارك.
سمعت كلاما روسيا ينطق في الاثير اللاسلكي بشكل دائم
خدم فلاديمير في قاعدة عسكرية بضواحي طرابلس كانت تدافع عن طرابلس. وكانت تلك الخدمة هادئة أولا. وبعد مرور شهر وقع فلاديمير في جهنم حقيقي حين قررت قيادة القوات الليبية في مارس/آذار نقل فصيله الى مصراتة، حيث كانت قوات القذافي تخوض معارك كر وفر.
وقال فلاديمير:" وصلنا الى مصراتة في 13 ابريل/نيسان حيث بدأت المذبحة الحقيقية. ولم يتوقف اطلاق النار على مدار 24 ساعة ليلا ونهارا. فلا اعرف من شارك في تلك المجزرة، لان شبابي اوكلت اليهم مهام خاصة. لكنني سمعت في الاثير اللاسلكي كلاما روسيا بشكل دائم. وهناك بناية شاهقة في وسط المدينة حيث تواجد القناصون الاكرانيون والبيلاروس. وقامت طائرات الناتو بتوجيه ضربة الى تلك البناية فقتل كل من كان في داخلها.
من غير المعروف بم كانت تنتهي بعثة فلاديمير لو لا رصاصة اصابته يوم 27 ابريل/نيسان في الكتف. ويعتبر فلاديمير انه رجل محظوظ، اذ ان هذا الوقت صادف فترة الهدنة حين بدأت المفاوضات بين الجانبين. واستطاع فلاديمير تقاضي الراتب المستحق له وتلقي الاوراق الشخصية فغادر طرابلس ليتجه الى بيته. ولم يرد ذكرطريق الاياب.
فاكتفى بالقول:" لدى المرتزق حقوق محدودة في الحرب. اذا اسرت فيمكن اعتبار انك جثة. وتم في نهاية ابريل/نيسان اعتقال بضع عشرات من جنود ينطقون اللغة الروسية في مصراتة. وتم ايصالهم الى سجن بنغازي قبل ان تبدأ محاكمتهم وان مصيرهم مجهول. ونظرا الى ان السلطة الاوكرانية تكرر دوما انها لا تعرف شيئا عن ابناء الوطن الاوكراني في ليبيا، فيحتمل ان يعدموا كلهم بدلا من اعادتهم الى الوطن. علما انهم يمكن ان يثيروا فضيحة في وطنهم. وبامكان السلطة الاوكرانية سجنهم. لهذا فان المرتزقة يدركون هذا الامرتمام الادراك. ولذلك ففي حال اسرهم لا يذكرون البلد الذي وصلوا منه.
المصدر: صحيفة "كومسومولسكايا برافدا" الروسية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق