لقد فشل معمر القذافي في كل شيء.. بل فشل حتى في ان يفشل بكرامة
د. فتحي الفاضلي
امتلك معمر ذهب اسود وقلب اسود، وسيطر على شعب قليل العدد، طيب شجاع اصيل، ينتشر فوق رقعة واسعة، ممتدة الاطراف شاسعة، تتسع لمئات الملايين من البشر، واوتي من الاموال والجند والاسلحة والثروات والعدة والكنوز والعتاد، ما عجز عن حمله وحصره وحفظه الشاحنات والخزائن والحاويات. فلم يوت طاغية ولا ظالم ولا ديكتاتور في التاريخ، ما اوتي معمر القذافي من مقدرات وكنوز، تواضعت امامها مقدرات وكنوز النمرود وفرعون وهامان وقارون.
ولانه يتمتع بغباء من الطراز الاول، فقد وظف معمر مقدرات ليبيا في بناء الجدر والمخابيء والانفاق، والسجون والدشم والدهاليز والمعسكرات، والسراديب والحصون والاسوار والمعتقلات، وبدد ثروة الوطن على الاحذية والعصي والخوذات، والحديد والاسمنت والاقفال، والقمع والتصنت والابواب والبطش والوشاية والبوابات، وعلى غير ذلك من مظاهر التخلف والغباء والارهاب. وقد كان في مقدوره ان يوظفها في بناء وانشاء وتأسيس الحدائق والمساجد والملاعب والمكتبات، والمدارس والمعاهد والجامعات، ودور الرعاية ومؤسسات الدولة والمستشفيات، وغير ذلك من حاجات البشر والدولة والعباد، لقد كان في مقدوره ان يوظفها في بناء ليبيا، لا في تحطيمها.
لقد كان في مقدور معمر ان يسعد نفسه، وابنائه، وجنده، وملائه، واعوانه، ومن والاه، وان يسعد بجانب ذلك شعبه، بل ويسعد معه شعوب كثيرة اخرى. كان في مقدوره، ان كان يتمتع بذرة من ذكاء او اقل، ان يحمي نفسه ويحمي شعبه، ويجعل من الليبيين شعبا مخلصا مواليا محبا، وان يحكم ليبيا هو وذريته عقودا، وعقودا اخرى. لكنه فشل في تحقيق معشار معشار ذلك. فشل معمر القذافي في قيادة شعب، من ابسط واغنى الشعوب واقلها عددا.
ليس ذلك فحسب، بل فشل في كل شيء اخر، لقد فشل في الحرب، في القيادة، في الرئاسة، في السياسة، في التعليم، في الصحة، في الخطابة، في الزراعة، في الوحدة، في البناء، في الكتابة، في الفكر، في ادارة الازمات، في الامن، في الثورة، في الدولة، فشل في ان يكون ثائرا، فشل حتى في اختيار اصدقائه واعوانه، فشل في ان يكذب كذبا مقبولا منطقيا، فشل في ان يمثل علينا تمثيلا مقنعا، فشل في ان يخدعنا، فكذبه وتمثيله وخداعه، كان سطحيا واضحا مكشوفا ساذجا، لقد فشل معمر القذافي في كل شيء، فشل حتى في ان يفشل بكرامة.
فشل في ان يقمع شعب اعزل، استطاع - هذا الشعب- ان ينتزع منه، وفي وضح النهار ترسانة من الاسلحة، قضى معمر في بنائها اربعة عقود كاملة، اربعة عقود كاملة ومعمر يكدس الاسلحة الخفيفة والثقيلة والاثقل منها، اسلحة مختلفة متعددة متطورة جمعها باموالنا، من كل حدب وجهة وصوب، اشتراها من اليمين والشمال والشرق والجنوب والغرب واليسار، حتى ظننا انه يخطط لغزو الارض وعطارد وما جاورهما من كواكب، لكنه عجز في ان يقمع بهذه الترسانة الرهيبة شعبا اعزل، ظن معمر، بغروره وقصر نظره وغبائه انه نجح في تدميره جسدا وروحا وقلبا، ونجح في هزيمته حسيا ونفسيا ومعنويا. لقد عجز معمر عن كل شيء، وكان غبيا في كل شيء.
لقد كان حلم معمر الدائم، ومنذ نصف قرن ويزيد، ان يدخل التاريخ، من اي باب من ابوابه، ففشل في ذلك وكعادته، فشلا لا خلاف ولا اختلاف ولا غبار عليه، فدعونا نمد له يد العون، ونحقق له شيء من غاياته وطموحاته النرجسية واحلامه، دعونا نمد له يد العون، من باب تبادل المصالح المشروعة بين معمر القذافي من جهة، والشعب الليبي من جهة اخرى، دعونا نغدق عليه لقب "اغبى ديكتاتور في التاريخ"، اللقب الوحيد الذي يستحقه عن جدارة. فبهذا اللقب سيدخل معمر التاريخ، وسيضاف، ودون شك، تحت هذا اللقب ايضا، الى موسوعة غينيس او جينيس القياسية. فهنيئا لمعمر، هنيئا له الوسام العالمي الجديد، وسام "اغبى ديكتاتور في التاريخ"، الوسام الحقيقي الوحيد الذي يستحقه، بدلا من مئات الاوسمة والنياشين والالقاب المزيفة، التي تزين صدر القائد الفاشل والهارب والمهزوم.
19 اكتوبر 2011م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق