الجمعة، 28 أكتوبر 2011

المجتمع المدني بليبيا.. سياسة وإغاثة
المحفوظ الكرطيط - طرابلس
بطيّ صفحة العقيد الراحل معمر القذافي دخل الليبيون عهدا جديدا من عناوينه الكبرى حرية التعبير وروح المبادرة، وهو ما بدأ يتجلى على أرض الواقع من خلال عشرات المنظمات والمنتديات الأهلية التي تناقش الشأن العام في البلاد، إلى جانب مئات المنظمات التي توجه جهودها للمجال الخيري والإنساني.

 ويبدو أن الليبيين وخاصة الشباب منهم كانوا ينتظرون صفارة الحكم للانطلاق، فما أن بدأ النظام يتهاوى حتى سارع الكثيرون وخاصة في مدن شرق البلاد -التي تحررت في الأسابيع الأولى من الثورة- إلى الانخراط في تنظيمات تختلف أشكالها لكنها تشترك في كونها توفر إطارا للمشاركة في الحوارات حول أوضاع البلاد وفي تقديم العون والمساعدة لمن هم في حاجة لها.
وشهدت مدينة بنغازي مهد الثورة ميلاد ما يقارب 500 منظمة جلها يعنى بالعمل الخيري والإغاثي والاجتماعي والثقافي، في حين تهتم نحو 20 مؤسسة فقط بالشأن الحزبي والسياسي.
مئات الجمعيات التي تعنى بالعمل الإغاثي والخيري والإنساني ظهرت بليبيا مؤخرا (الجزيرة نت)
وفي العاصمة طرابلس حصلت حوالي 500 جمعية خيرية على تراخيص مؤقتة للعمل خلال ثلاثة أشهر قبل حسم أمرها على ضوء أدائها، في حين تتشكل عشرات الهيئات التي تعنى بالشأن السياسي دون الحاجة إلى تراخيص.
 ويسعى بعض الشباب الذين شاركوا في ثورة 17 فبراير إلى الانتظام في منظمات بالمجتمع المدني ليكونوا بمثابة مجموعات ضغط على مؤسسات الدولة والأحزاب السياسية ولمتابعة ومساءلة العملية الانتقالية التي تعيشها البلاد والسهر على تحقيق الأهداف التي قامت من أجلها الثورة.
ملء الفراغ
ويهدف ثوار وناشطون آخرون من خلال إنشاء هيئات مدنية للتمرن على العمل الجماعي تمهيدا لتشكيل أحزاب سياسية بغية المشاركة في الانتخابات المتوقعة كإحدى محطات المرحلة الانتقالية التي دخلتها البلاد منذ تحريرها من نظام العقيد القذافي.
 ويفسر الأكاديمي الليبي يوسف الصواني ذلك الإقبال الكبير على إنشاء جمعيات وهيئات مدنية بتعطش الليبيين الشديد إلى ممارسة العمل المستقل عن الدولة والتحرر من سلطتها التي عاشوا في ظلها طيلة 42 عاما.
 كما عزا الصواني في حديث مع الجزيرة نت ذلك التوجه إلى كون البلد يمر بظرف استثنائي تغيب فيه أي سلطة فاعلة تفرض النظام، وهو ما يعني أن هناك فراغا كبيرا في الفضاء العام بدأت تملؤه منظمات المجتمع المدني.
 ويرى الصواني أن على الدولة في المستقبل أن تدعم مؤسسات المجتمع المدني ضمن إستراتيجية تهدف على المدى البعيد لتأسيس مجتمع تترسخ فيه قيمة المواطنة ومبدأ المشاركة الفاعلة ومفهوم الخير العام.
وتعليقا على نشاط المنظمات ذات الاهتمامات السياسية، يقول وكيل التخطيط والتنمية في مجلس طرابلس المحلي سادات البدري، إن الهدف من ذلك الحراك الذي تقوده مجموعة من المثقفين ذوي الطموحات السياسية هو تثقيف المجتمع الليبي الذي تعرض للتجهيل والإقصاء من المشاركة السياسية لفترة طويلة.
غياب تام
ويتناقض الحراك الجاري في الفضاء العام بليبيا مع ما كان عليه الوضع في ظل النظام السابق حيث كانت منظمات المجتمع المدني شبه غائبة عن الساحة لعدة اعتبارات يتداخل فيها الجانب الأيديولوجي والبعد الأمني والإطار القانوني.

ويقول الأكاديمي الصواني إن المجتمع المدني المتعارف عليه دوليا لم ير النور في ليبيا لكون النظام السياسي السابق كان قائما على فكرة مشاركة الجميع في تدبير الشأن العام (من خلال مؤتمرات ولجان شعبية..)، وهو ما يعني أنه لا حاجة إلى قيام كيانات بين الدولة والمجتمع.
 كما أن التغلغل الأمني في مختلف مفاصل الحياة في البلاد والإطار القانوني الذي يُخضع كل أشكال العمل النقابي والتطوعي لسيطرة الدولة حالا دون تشكل هيئات مدنية حقيقية حتى في المجال الخيري الذي يفترض أنه لا يمثل أي تهديد للنظام السياسي القائم.
 ورغم ذلك فقد شهدت الساحة الليبية خلال السنوات الماضية ظهور بعض معالم المجتمع المدني لكنها لم تقم بالأدوار الحقيقية التي تلعبها منظمات المجتمع المدني في بلدان أخرى، لأنها لم تخرج عن جبة العائلة الحاكمة حيث إن سيف الإسلام القذافي وعائشة القذافي هما من كانا يقودان تلك التحركات.
الجزيرة نت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق