محمد بلوط: فرقاطات ومدمرات بريطانية وفرنسية وأميركية واسبانية ورومانية وايطالية في بحر ليبيا. عندما أطفأت الأنوار كليا، وأطلقت صفارة وحيدة، أدرك البحارة أن عملية جوية قد بدأت.
فبعد أسبوعين من وصول حاملة المروحيات «اوشين» مع نظيرتها الفرنسية «تونير» إلى بحر ليبيا، حانت ساعة الصفر الجديدة للمرحلة الثالثة من العملية العسكرية الأطلسية في ليبيا. وانتظر البحارة في أسطول مؤلف من 22 سفينة حربية وقوعها، أملا بتحريك العمليات الحربية، التي طال ثباتها على خطوط قتال روتينية، منذ أكثر من شهر. وخيب الثوار أمل «الأطلسيين» مرة أخرى. فبعد حملة الغارات الأولى في آذار الماضي استطاعوا تحقيق توازن نسبي في القوى، وتثبيت قوات القذافي على الأرض ومنعهم من التقدم نحو مواقعهم في اجدابيا أو داخل مصراتة، إلا أنهم لم يستطيعوا الاندفاع نحو المدن التي يسيطر عليها القذافي.
فبعد أسبوعين من وصول حاملة المروحيات «اوشين» مع نظيرتها الفرنسية «تونير» إلى بحر ليبيا، حانت ساعة الصفر الجديدة للمرحلة الثالثة من العملية العسكرية الأطلسية في ليبيا. وانتظر البحارة في أسطول مؤلف من 22 سفينة حربية وقوعها، أملا بتحريك العمليات الحربية، التي طال ثباتها على خطوط قتال روتينية، منذ أكثر من شهر. وخيب الثوار أمل «الأطلسيين» مرة أخرى. فبعد حملة الغارات الأولى في آذار الماضي استطاعوا تحقيق توازن نسبي في القوى، وتثبيت قوات القذافي على الأرض ومنعهم من التقدم نحو مواقعهم في اجدابيا أو داخل مصراتة، إلا أنهم لم يستطيعوا الاندفاع نحو المدن التي يسيطر عليها القذافي.
ويبدو أسطول «الأطلسي» كله في غارة «الاباتشي». ويؤشر استخدام المروحيات على افتتاح مرحلة جديدة في عمليات القتال في ليبيا، وتمديد نشر القوات حولها ثلاثة أشهر إضافية. وكانت «فجر الأوديسه»، المرحلة الأولى من العمليات، قد استغرقت عشرة أيام من خواتم آذار. وقاد الأميركيون العملية التي استطاعت وقف تقدم القذافي نحو بنغازي، وشهدت 180 طلعة يومية، نفذتها أسراب أميركية وبريطانية وفرنسية، ودمرت خلالها جزءا كبيرا من الدفاعات الأرضية الليبية ومنعت تحليق طائرات القذافي. «لم نر طائرة ليبية واحدة في الجو بمجرد فرض منطقة حظر الطيران، ولم تدر معركة جوية واحدة معها، وكل ما دمر منها كان جاثما على الأرض»، ولمراقب المطارات الليبية فان «القذافي لا يزال يحتفظ بقوة جوية، من الصعب تقديرها، سالمة، لكنها غير قادرة على الطيران. كما أننا لم نخض معارك مع مروحياته، وكل ما نشاهده على راداراتنا هو تحركات لوجستية لبعض الطائرات بين مخابئها» فيما كان وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس يعلن تحطيم 90 في المئة منها.
وترك الأميركيون المرحلة الثانية من العمليات «للحامي المتحد» و«الأطلسي». وبعد مرحلة من الارتباك والخلافات حول أهداف العملية استغلها القذافي للعودة إلى تهديد بنغازي، استؤنفت عمليات القصف التي دمرت جزءا كبيرا من الأسلحة الثقيلة، ومخازنها، ومراكز الاتصال وطرق الإمدادات. وطارد «الحامي المتحد» الرئيس القذافي قاصفا مقراته في باب العزيزية، لإنهاء الحرب عبر التخلص منه. وقتل سيف العرب القذافي، بعد معلومات من مقربين عن مكان تواجده مع والده، الذي نجا من الموت.
وتعد المرحلة الثالثة فرنسية - بريطانية بامتياز، لارتكازها على حاملتي مروحيات مقاتلة، تبحر قبالة السواحل الليبي وسط أسطول «أطلسي» ضخم منذ 17 أيار الماضي.
وتتخذ المروحيات الفرنسية والبريطانية هدفا لها هو القناصة حول المدن، والمدافع الصغيرة والمتحركة والصواريخ، لإحباط إستراتيجية القذافي التي تحاول أطالة أمد الحرب، عبر الاختلاط بالمدنيين في المدن المحاصرة، لاستنزاف الثوار وحماية تجمعاتهم من القصف المعادي وإنهاك الأطلسيين العاجزين عن ضرب أهداف أرضية معقدة في غياب الأميركيين، الذين رهنوا مصير العملية العسكرية بقرارهم السياسي.
فخلال المرحلة الأولى من القتال قدموا 75 في المئة من المعلومات الإستخباراتية عن الأهداف التي تم ضربها، وقدموا 80 في المئة من الذخائر والصواريخ أو الطائرات المستخدمة في الهجمات. ومنذ خروج الأميركيين من القتال، واكتفائهم بالمراقبة الجوية والبحرية والإمدادات اللوجستية والنصائح، وقع على البريطانيين والفرنسيين، الذين يشكون من تباطؤ العمليات، الجهد الأكبر من الحرب. وظاهريا تبدو حشود أسراب التحالف حول ليبيا مثيرة. ولكن مشاركة 350 مقاتلة اعتراضية، بعضها قطري وإماراتي، في الأجواء الليبية، أصبح من غير ذي منفعة لمراقبة حظر طيران في منطقة لم تشهد تحليقا لطائرات القذافي منذ ثلاثة أشهر، فيما تقوم بعمليات القصف النرويج وكندا والدنمارك وبلجيكا.
وتبدو الحرب على القذافي بريطانية - فرنسية بشكل خاص، ولكن الطرفين ربما وصلا إلى سقف ما يمكنهما توفيره من إمكانيات لحشدها في المعركة، ليكتشفا بمناسبة الحرب أنهما تحولا إلى قوتين متوسطيتين في غياب الولايات المتحدة. ويقول الخبراء أن فرنسا تستنفذ كل طاقاتها لتحشد 25 طائرة. وعانت مقاتلات «تايفون» من مشكلات صيانة تقنية بسبب تقليص الميزانية العسكرية البريطانية. وافتقد الجيش العدد الكافي من الطيارين، ولم يستطع إرسال أكثر من 20 مقاتلة.
ويتحاشى التحالف طرح أسئلة لا بد منها للاتفاق على هدف العملية: حماية المدنيين أو إسقاط نظام القذافي، كما أن فتح مرحلة ثالثة، في عملية كان مقدرا لها أن تنتهي مطلع حزيران بحسب تقديرات «الأطلسي» الأولية، يدعو إلى التساؤل عن الخيارات المطروحة أمامه:
1ـ أن تنتهي العملية العسكرية بسرعة بتضافر من الجهود الدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية وفرار المزيد من أركان النظام، ومطاردة القذافي بضربات جوية، تدفعه في النهاية إلى الخروج من ليبيا.
2 ـ أن تنزلق العملية ومعها التحالف إلى مرحلة شبيهة بما جرى في العراق، بسبب عدم دقة الضربات الجوية، واختلاط قوات القذافي بالمدنيين، وعدم قدرة الثوار البنيوية على إحراز أي انتصار، وحيازة القذافي ما يكفي من قوات وذخائر لإطالة أمد الحرب، خصوصا أن الحلف لا يملك ما يقدمه للقذافي من خيارات سياسية سوى تنازله عن السلطة، التي يخوض الحرب من اجل البقاء فيها .
3ـ عملية برية واسعة، تفرض نفسها، إذا لم يتحقق خلال الصيف، هدف إبعاد القذافي عن السلطة، ووقف إطلاق نار حقيقي، وفتح طرق الإمداد الإنساني إلى المدن المحاصرة.
اسطول الاطلسي في قلب الأسئلة والمتوسط، حتى نهاية آب المقبل.
المصدر: السفير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق