انزلقت المعارضة الليبية من التظاهر السلمي ضد نظام العقيد معمر القذافي، إلى معارك كر وفر مع كتائب القذافي أفضت بسرعة إلى تدويل الملف الليبي، ورغم دخول الانتفاضة الشعبية العارمة التي شملت في بدايتها قلب العاصمة طرابلس، شهرها الرابع لا يزال النظام الليبي صامدا.
وفي محاولة للإجابة على كل هذه التساؤلات يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة التونسية المولدي الأحمر في دراسة بحثية تحت اسم "مشاكل الولادة السياسية العسيرة لليبيا الجديدة" نشرها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، إن هناك ثلاثة عوامل رئيسة موجودة في ليبيا لم تكن موجودة في غيرها من الثورات العربية.
وفي محاولة للإجابة على كل هذه التساؤلات يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة التونسية المولدي الأحمر في دراسة بحثية تحت اسم "مشاكل الولادة السياسية العسيرة لليبيا الجديدة" نشرها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، إن هناك ثلاثة عوامل رئيسة موجودة في ليبيا لم تكن موجودة في غيرها من الثورات العربية.
ويرى المولدي الأحمر أن العامل الأول يتمثل في الحضور الدولي اللاّفت لليبيا في الأربعين سنة الأخيرة على الساحة الإقليمية، وأحيانا الدولية، كقوة بترولية جاذبة للعمالة ارتبطت بها مصالح العديد من الدول.
أما العامل الثاني -يضيف المولدي الأحمر- فهو شخصية القذافي السياسية في حد ذاتها، وهذه الشخصية لم تنحتها فقط أصولها البدوية وتاريخ ليبيا السياسي، إنما أيضا قيمة الموارد المالية التي حظي بها الزعيم الصاعد إلى السلطة، فاعتمادا على هذه الثروة وعلى أيديولوجية شعبية فجة وبدائية، قدم القذافي ليبيا للعالم على أنها بلد مشكلته الوحيد تكمن بطمع القوى الخارجية الكبرى في ثروته.
أما العامل الثالث فيتمثل في شح المعلومات المتعلقة بمكونات هذا المجتمع الداخلية، تلك التي يبني عليها اليوم الفاعلون السياسيون أهدافهم وسلوكهم ومواقفهم وإستراتيجيات عملهم.
"الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة توقّع الانقلاب الذي أتى بالقذافي إلى الحكم حين طلب من السفير الليبي في تونس نقل رسالة إلى الملك إدريس السنوسي فحواها أن ليبيا تشكو من فراغات ثلاثة، فراغ ديمغرافي وفراغ ثقافي وفراغ سياسي"
استغلال الموارد
ويرى الباحث أن زعامة القذافي لم تنشأ بعدما استولى على السلطة، بل العكس هي التي مكنته من ذلك، حيث إن أجهزة الدولة الحديثة، ومواردها غير المسبوقة، قد ساعدته على الاحتفاظ بتلك الزعامة وجعلها في صلب مؤسسات الدولة التي أعاد بناءها على المقاس.
ويشير الباحث إلى أن الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة توقع الانقلاب الذي أتى بالقذافي إلى الحكم حين طلب من السفير الليبي في تونس في مطلع سنة 1969 نقل رسالة عاجلة إلى الملك إدريس السنوسي فحواها أن ليبيا تشكو من فراغات ثلاثة، فراغ ديمغرافي وفراغ ثقافي وفراغ سياسي، وبعد ذلك بأربعة أشهر فقط حدث الانقلاب الذي أطاح بالملك.
ويؤكد المولدي الأحمر أن القذافي استغل ذلك الفراغ وحاول أن يملأه بطريقته الخاصة، وهو ما يفسر المواجهة التي تحدث الآن في البلد.
ويشدد الباحث على أن معمر القذافي جر الثوار إلى ميدان الحرب، حيث لم يكن بينه وبينهم أي إطار تنظيمي مستقل يؤطر العمل السياسي ويفسح المجال للفعل والتفاوض السلمي الإيجابي، كما تفسر خصائص النظام الليبي المذكورة كيف استطاع القذافي حتى الآن أن يقاوم الثائرين في أغلب مناطق ليبيا، ملوحا في وجوههم بما تبقى من عناصر مجموعته السياسية الفذة.
ويخلص الباحث إلى أن نظام القذافي لن يستطع البقاء طويلا، لأنه خسر شرعيته الأخلاقية، وربما يسير إلى نهاية درامية لا يسمح بها النموذج السياسي لنظامه.
واعتبر أن ما تشكو منه الثورة الليبية حتى الآن هو غياب المثقّفين الليبيين المتحدثين عنها، وهو ما جعل أغلب المتحدثين اليوم باسمها يستخدمون مفردات "القبائل" و"العروش" و"الأقارب" التي يعتمدها النظام في التضليل ضد الثورة.
وفي ختام البحث يوجه الباحث المولدي الأحمر رسالة للثورة في ليبيا اليوم مفادها "يا سياسيي ليبيا ومثقّفيها، قدموا لشعبكم بديلا ثقافيا سياسيا حديثا".
المصدر: الجزيرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق