الأحد، 1 مايو 2011

لماذا «يسقط النظام»؟

سمير عطا الله: لم يعد مصطلح «النظام» دقيقا في الإشارة إلى «النظام العربي». فقد أضحى غائبا أو مهددا في بلدان كثيرة. وأصبحت الدساتير والنظريات والأفكار التي قام عليها، مطلب التغيير الأول. وقد رفع النظام العربي شعارات وغرق فيما هو نقيضها. وشعار الحرية الذي يرفع الآن كأول شعار رفع قبل نصف قرن، وما يطلب الآن هو تحقيقه وتحويله من اسم إلى صفة.

وقام «النظام العربي» في زمن سقوط الاستعمار وظهور القوى الجديدة وبروز قوى «التقدم». لكنه ترهل بحيث نمت في ظله عناصر «التطرف» و«التخلف»، كما صار في العراق، حيث تلازم غياب الحرية مع غياب الكفاية والعلاج والضمانات الاجتماعية، وتحول طيارو الخطوط العراقية إلى بيع أثاث منازلهم في الشوارع.

وفي مصر ترك النظام نفسه يرتبط بسمعة أحمد عز ومدن طلعت مصطفى، بينما انصرفت أحزاب التطرف إلى العناية بالفقراء في كل مكان تغيب فيه الدولة، وبين أنقاض كل مبنى ينهار. كانت دولة «النظام العربي» مهملة أو فوضوية أو قمعية، بينما انصرفت المعارضات إلى التنظيم.

اطمأن النظام العربي إلى عجرفته، غير مدرك أن الناس ترتضي أي شيء إذا عوملت بمحبة وتواضع. لم يرد الليبيون منه أن يقيم في خيمة (لم ينم فيها ليلة واحدة)، بل ألا يسخر من ذكائهم في حكاية «حكم الشعب». فمن منهم لم يكن يعرف أن الحكم لأبنائه وصهره وموسى كوسا.

تبادل النظام والناس، شيئا واحدا: الخوف. هو يخافهم لأنه لا يثق في نفسه ولا بما أنجز، وهم يخافونه لأنهم لا يستطيعون أن يوصلوا إليه شيئا من حقائق الأمور.

محمد البوعزيزي كان نتاج عشرين عاما من زمن زين العابدين بن علي. أيام الحبيب بورقيبة كانت تونس أكثر فقرا وأقل دخلا، لكن لم تكن هناك هوة أو فجوة بين الزعيم وأهله. كان يخاطب الناس كل يوم حتى اعتادوا ألا يذهبوا إلى النوم، قبل أن يسمعوا نصيحة منه: اغتسلوا. اعملوا. تعلموا. لا تكثروا من الطعام. لا تطيلوا السهر. الناس تحب أن تحترم الحاكم وأن تحبه. الخوف شعور سيئ ينتهي في لحظة واحدة إلى انتقام يشبه انتقام الزواج بالإكراه. كان أفضل ألف مرة أن يعيد النظام النظر في نفسه قبل أن تعيد الناس النظر في خوفها.

المصدر: جريدة الشرق الاوسط

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق