الأحد، 4 ديسمبر 2011

فلنحي أولا.. الوزراء المجهولين
د. محمد المدني
بعد إنتهاء الثورة والتحول نحو بناء الدولة في أول خطوة على الطريق وهي التشكيل الوزاري الذي سيدير قطاعات الدولة خلال الفترة الإنتقالية المؤقته والتي لا تتعدى الثمانية اشهر حسبما حددها الإعلان الدستوري،

نرى أن أغلب وسائل الإعلام المحلية والمحللين والمتحدثين في هذا الشأن غير موجهين حديثهم نحو بناء الدولة وما يمكن أن يتحقق في المرحلة الإنتقالية، وما ستنجزه الحكومة في هذه الظروف، وكيف وضع القواعد لبناء الدولة، وما هي صعوبات التحول نحو الدولة المدنية الجديدة، بكل أسف كان جلّ الإهتمام والحديث منصب حول أسماء الوزراء وتصنيفاتهم ومرجعيتهم وإنتماءاتهم القبلية، والأغرب في ذلك طرح الأسئلة لماذا لا تمثل المنطقة الفلانية؟ وما المقصود بتهميش المنطقة العلانية بعدم تمثيلها؟ وغيرها من الأحاديث والأسئلة غير المفيدة والتي تدل عن عدم الوعي بصعوبة هذه المرحلة، قد يكون سبب سطحية هذه الأحاديث هو غياب الشفافية في الإختيار وعدم معرفة المعيار الذي تم على أساسه إختيار هؤلاء الوزراء مثل وضوح سيرهم الذاتية وخبرتهم العملية في مجال الإدارة العامة وتسيير المؤسسات وغيرها من الصفات المنطقية المقنعة لتولي هذه المناصب في مرحلة حساسة كهذه.
على أي حال أنا لم أود الغوص في هذا الأمر كثيرا، لمعرفتي بأن هذه الأحديث وهذه الفترة ستمر ونكتفى بمعرفة الأسماء والوجوه من خلال صورهم التي ظهرت وستظهر كثيرا على شاشات الإذاعات والصحف الخاصة والتي سيكون لها دور في التلميع والتوجيه قبل حتى أن يقدموا هؤلاء خططهم وبرامج عملهم في تسيير وزاراتهم- الإعلام عادة ما يصنع الأبطال وهو نفسه الذي يسقطهم على حين غرة- وهو نفسه الذي أغفلنا وأنسانا في وقت سريع عمل أبطال حقيقيين ووزراء مجهولين قد أداروا مواقعهم عندما كادت الدولة أن تسقط، وصنعوا الحياة يوم أراد لها الطغاة الموت والدمار فهبوا وكانوا في الصفوف الأولى قبل وبعد التحرير، فعرفوا بأن دورهم قد حان فتحركوا من واعز ضمائرهم ودون تكليف من أحد ولم يكون في حساباتهم أي نوعا من الطمع المادي والمعنوي. فكلا منا يعرف ماذا حدث للناس عندما توقفت الكهرباء عن البيوت فتوجهوا هؤلاء الأبطال لمحطات توليد الكهرباء وشغلوا الطربيدات وأصلحوا التخريب لتصل الكهرباء لكل بيت، ونتذكر كيف توقفت المياه عن المدن وكانت بفعل فاعل، فتحركوا أمثالهم دون أن نعلم وقاموا بإصلاح منظومات المياه وتمكن الناس والأنعام من شرب المياه الصالحة، ونتذكر كيف توقف البنزين عن محطات الوقود وتلك الطوابير الطويلة المملة، فما كان منهم إلا أن التحقوا بمصافي التكرير وحقول النفط في الصحراء وركوب الشاحنات ليعود لنا الوقود وتتحرك سياراتنا في الشوارع، وكذلك الذين قاموا بتسيير المستشفيات والمرافق الصحية الأخرى في ظروف سيئة جدا وقدموا الخدمة الضرورية للمواطن، والذين عملوا في التعليم وإستمرار الدراسة، والذين إزاحوا القمامة بسواعدهم ونظفوا شوارعنا ومدننا وجعلوها بيئة نظيفة، والذين وقفوا في النقاط الحدودية ليسهلوا حركة السفر ومرور الجرحى والمرضى وغيرهم من الذين يعملون في صمت نعرفهم بخدماتهم التي تصلنا دون أن نسأل كيف.
هؤلاء حتى وأن غفل عن ذكرهم البعض في نظري وفي نظر الكثيرغيري بأنهم هم الوطنون الحقيقيون الذين بإيديهم وعقولهم ووعيهم كانوا سببا في عودة الحياة إلى طبيعتها وحولوا معاناة المواطنيين وخوفهم في المدن والقرى والأرياف إلى أمل وطمأنينة. فلهم منا كل التحايا وكل التقدير والإحترام،،،،


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق