الجمعة، 27 مايو 2011

صحفيون غربيون يتهمون الثوار بالسرقة

الثوار الليبيون سرقوا مصرفا في بنغازي لتمويل الانتفاضة بعد أن اعتبروا الأموال تخصهم لأنها ملك للشعب
بنغازي: سودارسان راغافان وجيمس في غريمالدي* : في الأيام التي تلت احتشاد ثوار ليبيا في انتفاضة ضد نظام العقيد معمر القذافي، واجه الثوار تحديا مزعجا؛ ألا وهو كيفية تمويل هذه الثورة.


ووجدوا أن جزءا من التمويل يمكن أن يأتي من داخل الخزائن المؤمنة بفرع المصرف المركزي الليبي في بنغازي، حيث أودعت حكومة القذافي مبلغا يقدر بنحو 505 ملايين دولار.
ورأى الثوار أن هذه الأموال تخصهم باعتبارها ملكا للشعب الليبي. لذلك؛ هاجموا المصرف، واستولوا على الأموال.
«دعوني أصف الوضع على هذا النحو: لقد سرقنا مصرفنا»، هذا ما قاله علي الترهوني، وزير مالية الثوار، الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة، والذي أصدر أوامره بسرقة البنك في مارس (آذار) الماضي.

وعن طريق فتحة في الحائط والاستعانة بصانع أقفال لمساعدتهم في التعامل مع الأقفال، تمكن قادة الثوار من الاستيلاء على أموال حكومة القذافي لتصبح بمثابة شريان حياة لثورتهم. والآن، يحاولون القيام بعملية أخرى مشابهة بدرجة كبيرة، على مستوى دولي، طالبين من الحكومات الأجنبية – ومنها حكومة الولايات المتحدة – استخدام الأصول الليبية المحتجزة لتمويل ثورة تحولت خلال 3 أشهر من مظاهرة سياسية إلى مواجهة عسكرية ممتدة.

وفي يوم الثلاثاء، أكدت الولايات المتحدة دعمها للثوار بأن طلبت منهم فتح مكتب في واشنطن، وهو الإجراء الذي يأتي مباشرة في أعقاب الاعتراف الرسمي بشرعية الثورة الليبية. وفي وقت متأخر من يوم الثلاثاء، ضربت طائرات حلف «الناتو» الحربية أهدافا لقوات القذافي في طرابلس، في جزء من حملة جوية أحيت آمال الثوار في السيطرة على العاصمة الليبية يوما ما. ولكن في ما يتعلق بكفاح الثوار الليبيين من أجل تمويل معركتهم، لم تسهم الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى بجهد يذكر في مساعدتهم ماليا.

لقد عجزت إدارة أوباما والكونغرس عن الوصول إلى تسوية في ما يتعلق بمنح قادة الثوار الليبيين أي جزء من مبلغ الـ32 مليار دولار الممثل في صورة أصول ليبية مجمدة في حسابات أميركية. قال جيفري فيلتمان، مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، متحدثا إلى المراسلين في بنغازي: «إنه أمر صعب. فهذه أصول نحتفظ بها في عهدتنا لخدمة الشعب الليبي، ونحن نبحث عن سبل يمكننا من خلالها تلبية الاحتياجات الإنسانية للشعب الليبي».

وقال مارك هيلمك، المتحدث باسم السيناتور الجمهوري، ريتشارد لوغار، من ولاية إنديانا: «لقد طلب البيت الأبيض من لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ وضع مشروع قانون لأخذ جزء من الأصول المجمدة تتراوح قيمته ما بين 150 إلى 180 مليون دولار، واستخدامها في صورة مساعدات إنسانية مقدمة لليبيا». غير أن هذا التشريع يواجه معارضة قوية من جانب السيناتور لوغار، الذي لديه مخاوف قوية من «تبعات الاستيلاء على أموال دولة ما زالت ذات سيادة».

ومع المشاحنات بين الإدارة الأميركية والكونغرس، يقول الثوار الليبيون إنهم يعانون من نقص التمويل بشكل خطير. وقد طلبوا الحصول على ضمانات تصل قيمتها إلى 3 مليارات دولار في صورة قروض ومساعدات، وتلقوا وعودا كبيرة من الكويت وقطر وغيرهما من الدول الأخرى. إلا أن الدعم الدولي جاء أقل بكثير مما يشير الثوار إلى حاجتهم إليه.

وأوضح فيلتمان أن الولايات المتحدة منحت مبلغا قيمته 53.5 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية لليبيين، و25 مليون دولار في صورة «دعم عسكري غير هدام». وطمأن قادة الثوار إلى أنهم سيتلقون مزيدا من المساعدات في غضون الأسابيع المقبلة.

غير أنه في الوقت الراهن ما زال الثوار يحاولون تدبر أمورهم بالأموال التي سلبوها من المصرف التابع لحكومة القذافي.

وتجنب مسؤولون في الولايات المتحدة ودول أخرى أسئلة تتعلق بشرعية قرار الثوار مساعدة أنفسهم في الحصول على التمويل اللازم. وأوضح متخصص في الخدمات المصرفية أن هذا ربما يرجع إلى أن شرعية حكومة القذافي باتت مثار تساؤل على نطاق واسع في أعقاب إجراءات القمع الوحشية التي انتهجتها الحكومة ضد المواطنين الليبيين.

وقال جون بيرن، وهو خبير مصرفي ونائب مدير عام جمعية أخصائيي مكافحة غسل الأموال المعتمدين: «ليس ذلك العمل مماثلا لسرقة تجار المخدرات مصرف الاحتياطي الفيدرالي. فسيعد ذلك عملا إجراميا». واستطرد قائلا: «هؤلاء ثوار يناضلون ضد نظام نعارضه، فهم يحاربون من أجل شعبهم».

وذكر الترهوني (60 عاما)، الذي ظل حتى بداية هذا العام محاضر اقتصاد متحفظا في حديثه بجامعة واشنطن في سياتل، أن سرقة المصرف تعتبر بمثابة إشارة إلى براعة الثوار وسعة حيلتهم ومهاراتهم التنظيمية. وقال إنها دليل على استعدادهم لإدارة الدولة.

وساعد مديرو المصرف في عملية السطو على البنك؛ غير أنهم لم يتمكنوا من فتح إحدى الخزانات لأنهم كانوا بحاجة إلى 3 مفاتيح منفصلة، ولم يكن لديهم سوى مفتاحين فقط، مثلما قال أحمد الشريف، مستشار سابق في المصرف المركزي في ليبيا، الذي عينه الثوار بعد فترة قصيرة من عملية السطو كمدير للمصرف في أبريل (نيسان) الماضي.

وظل المبلغ، الذي تزيد قيمته على 500 مليون دولار والموزع على خزانتين، مودعا في المصرف في حساب جديد خاص بالثوار، على حد قول الشريف.

ولم تفلح جهود دعم تلك الأموال بعائدات النفط، وافتقرت سلطة الثوار إلى البنية التحتية اللازمة لتخفيف الضرائب.

وتم استخدام الأموال في دفع الرواتب الحكومية ونفقات التشغيل، فضلا عن المعونات الغذائية. وفي الأسابيع الأخيرة، تم إنفاق المزيد من الأموال نظرا لأن الثوار يدعمون مدينة مصراتة، غرب ليبيا، ومدنا أخرى واقعة تحت الحصار، على حد قول الترهوني.

وحتى الآن، لا يزال الترهوني والثوار يعتمدون على الأموال المتبقية من عملية السطو على المصرف المركزي، والمقدرة بنحو 150 مليون دينار ليبي أو 120 مليون دولار، وفقا لما ذكره الشريف.

* أسهم الكاتب الزائر روبرت أوهارو الابن في واشنطن في إعداد هذا التقرير.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»
جريدة الشرق الاوسط ـ الخميـس 23 جمـادى الثانى 1432 هـ 26 مايو 2011 العدد 11867

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق