الثلاثاء، 5 أبريل 2011

ثروة ليبيا الخفية

أم الشيماء: مع اشتداد رحى المعارك في ليبيا، بدأ الصراع بين الأطراف المختلفة من أجل السيطرة على صندوق الثروة السيادية الليبي، المعروف باسم هيئة الاستثمارالليبية، 
وما يحتويه من 70 بليون دولار أمريكي على هيئة أصول. وبمقدار لا يستهان به من الأموال النقدية والأسهم في عدد قليل من الشركات الأوروبية النخبوية - من بينها دار النشر البريطانية المعروفة بيرسون والنادي الإيطالي يوفينتوس - عمل هذا الصندوق كبطاقة دعوة لمؤسسة سيف الإسلام القذافي ليدخل به المنتديات والنوادي المالية والاقتصادية عالمية المستوى.


نشأة الصندوق
تأسس هذا الصندوق على يد سيف الإسلام القذافي في العام 2006، كجهد من مؤسسته لإيضاح أن ليبيا مستعدة وجاهزة لتنفتح على الغرب. وساعد هذا الصندوق على استقطاب عدد من الشخصيات صاحبة النفوذ من حول العالم الى داخل فلك ابن القذافي، كان من بينها عائلة روتشيلد المعروفة، والأمير البريطاني أندرو، ومفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون التجارة السابق بيتر مانديلسون، وصفوة مجتمع المال والأعمال الإيطالي، وصفوة مستثمري الأسهم الأمريكيين.

توفير الخبرات
وقام الصندوق بالتعاقد مع شركة الاستشارات "ميركر" لتقديم المشورة الفنية، وقام القذافي بالاستفادة من علاقاته بمدرسة لندن لعلوم الاقتصاد، لتزويد الصندوق بالمزيد من الخبرات، من أهمها هووارد دافيس، مدير المدرسة نفسه، ليعمل في منصب مستشار الصندوق.
وعن هذا يقول دافيس إنه يندم على قبوله هذا المنصب، وإنه الآن لم يعد له صلة بالصندوق. بل وقالت المدرسة إن الرجل قدم استقالته منها، وإنها فتحت تحقيقا في علاقة المدرسة بليبيا والقذافي.

أحلام كبيرة
قدم مايكل بورتر، الخبير في المنافسة العالمية في جامعة هارفارد الأمريكية ورقة لمعمر القذافي ذات يوم مثلت منصة الإطلاق الفكري ليس فقط لهيئة الاستثمار الليبية، بل أيضا لحلم القذافي أن تكون ليبيا صرة التجارة العالمية في المنطقة، لتنافس دبي في ذلك.
وقد قال بورتر في رد منه على سؤال له عن تورطه في ليبيا: "كنا هناك لأن الدولة بدت جاهزة للإصلاح، وكان سيف القذافي الدافع الرئيسي للإصلاح، وصار واضحا أن المحافظين الليبيين هم من أعاق الإصلاح، وأنهيت علاقتي بالموضوع برمته في العام 2007".

هيكل الصندوق
الرئيس الاسمي للصندوق هو محمد لياس، الذي ربما يكون الليبي الأكثر خبرة في العمل المصرفي. وكان له دور رائد في العديد من المؤسسات مثل المصرف الأجنبي العربي الليبي، وهو البنك الوحيد الذي كان مسموحا له أن يقوم بمعاملات عالمية خلال فترة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على ليبيا، والمصرف التجاري العربي البريطاني، وهو بنك مقره لندن تمتلك ليبيا حصة الأغلبية فيه، والمؤسسة العربية المصرفية، وهي بنك مقره البحرين وتمتلك ليبيا حصة الأغلبية فيه أيضا.
وبينما كان محمد لياس الرئيس الاسمي للصندوق، يقول من كانت لهم تعاملات مع الصندوق إن السلطة الحقيقية في يد مصطفى زرتي، وهو صديق مقرب من القذافي، ولقبه الرسمي في الصندوق هو نائب الرئيس التنفيذي. ودرس مصطفى مع القذافي في النمسا، وهو أيضا شريك له في شركة لتصنيع سمك التونة، ومقرها غرب ليبيا.
ويقول المقربون منه إنه كان فاشلا في اتخاذ القرارات الاستثمارية الصحيحة؛ فهو مثلا قرر الاستثمار من خلال الصندوق في بنك "رويال بانك أوف سكوتلاند"، قبل طلب هذا البنك حزمة إنقاذ مالي من الحكومة الأيرلندية بأيام قليلة.

انطلاقة الصندوق
في العام 2008 كانت الانطلاقة الحقيقية للصندوق، حيث استقطب انتباه الكثير من رجال المال والأعمال في الغرب. وتمكن الصندوق بالفعل من اجتذاب العديد من أصحاب البنوك والمؤسسات المالية الكبيرة في الغرب. وكان من أبرز هؤلاء شركتا "بلاك ستون" و " كارليل"، وهما من كبريات شركات الأسهم الخاصة. وقد قالت الشركة الأولى إن ليبيا لم تستثمر في أي من صناديقها، أما الشركة الثانية فقالت إنها لا تعلق على هوية مستثمريها.
وعلى الرغم من أن النظام الحاكم في ليبيا كان يبقي نفسه على مسافة من هذا الصندوق، كان يتدخل أحيانا بشكل مباشر موجها استثماراته الى مناطق معينة، كما حدث في حالة شراء الصندوق حصة في شركة "روسال"، عملاقة إنتاج الألومينيوم، التي يسيطر عليها العملاق الروسي أوليج ديريباسكا.

الموقف الأمريكي
ومن جانبها أعلنت أمريكا نيتها تجميد أصول هيئة الاستثمار الليبية (اسم صندوق الثروة السيادية الليبي) الواقعة تحت سيطرة المؤسسات الأمريكية، على الرغم من أن أمريكا لم تحدد بنكا بعينه أو أصولا بعينها. لكن ما يظل حتى الآن غير واضح هو مدى امتلاك نظام معمر القذافي حاليا المدخل لصندوق الثروة السيادية هذا، والذي يتوفر فيه على الأقل قرابة 50 بليون دولار من السيولة النقدية ومن الأوراق المالية السائلة.

رأي الخبراء
أما العاملون في مواقع قريبة من الهيكل الإداري للصندوق فيرون أن البيروقراطية الشديدة وطريقة العمل ونقص الخبرة الاستثمارية كلها أمور تحول دون تحول الصندوق لدور أكثر فاعلية ونشاطا. فلقد قام هذا الصندوق بأول استثمار خارجي له في العام 2008. وأغلب الأموال التي بحوزته مودعة في بنوك ليبية أو في بنوك شرق أوسطية بعيدة عن متناول العقوبات.

وبينما يقول الخبراء إن بعضا من السيولة النقدية المملوكة للصندوق تدار بواسطة البنوك الاستثمارية التي حاولت بشراسة استمالة الصندوق اليها في أيامه الأولى، هم يرون أيضا أن أغلبية الأصول التي يمتلكها الصندوق موجودة داخل النظام البنكي الليبي الغني بالسيولة النقدية.

الثروات الليبية
فعليا، تأتي كل ثروات ليبيا من النفط، وبينما يمكن أن تكون ليبيا تجلس بالفعل على جبل من النقد، من الصعب عليها- أو على النظام الحاكم تحديدا- أن يستخدم هذه الأموال في الأسواق العالمية لشراء الأسلحة مثلا.

ثروة البنك المركزي
بالإضافة الى هيئة الاستثمار الليبية، هناك البنك المركزي الليبي، والذي يمتلك احتياطات تقدر بقرابة 110 بلايين دولار أمريكي، ما يعطي ليبيا كدولة صافي وضع نقدي يصل الى 160 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي السنوي، بحسب بيانات صندوق النقد الدولي.

أصول ليبية حول العالم
تمتلك ليبيا من خلال صندوق الثروة السيادية المعروف باسم هيئة الاستثمار الليبية عددا من الأصول حول العالم، من أهمها: في إيطاليا: 2 % من شركة "فينميكانيكا" (شركة متخصصة في مجال الفضاء) 7 % من بنك "يونيكريديت" 2 % من شركة "فيات" عملاق صناعة السيارات 7.5 % من نادي يوفينتوس الرياضي في بريطانيا: 0.2 % من بنك "أر بي إس" – تمتلك الحكومة البريطانية 84 % منه الآن ـ 3 % من شركة "بيرسون" للصحافة والنشر منزل فخم قيمته 155 مليونا استرلينيا، مساحته 146.550 قدم مربع، في شارع أكسفورد منزل قيمته 120 مليونا استرلينيا، مقابل مقر البنك المركزي البريطاني (بنك إنجلترا) دول أخرى: 1% من شركة "روسال" الروسية لمنتجات الألومينيوم 24 % من شركة "سيركل أويل" النفطية، والتي لها أصول في أفريقيا والشرق الأوسط.

المصدر: منتديات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق